للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يصح أن يكون السب خارجاً عنه وإن أريد معه غيره، واختلف في هدا العضل، فعند الشافعي لما كان نكاح امرأة بكراً كانت أو ثيباً لا يصح إلا بالولي، صار في منعها عن أكفائها، وعند أبي حنيفة لما كان يصح للثيب أن تتزوج بنفسها، صار في الاعتراض علتها في سبب المهر والكفاءة، قال: والآية تدل أن لها التزوج بنفسها، لأنه قال: {أَنْ يَنْكِحْنَ} فنسب النكاح إليهن، وقال أصحاب الشافعي: إنما نسب إليها، لأنه لا يصح إلا برضاها، وكل من لا يتم الفعل من دونه، يصح أن ينسب ذلك الفعل إليه،

وأما المعروف المتراضي به في قوله تعالي: {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} فعام في كل ما يرجع إلى العقد، لقدر الهر وما يظهر من الرعية وخلافها، وما يعاون الزوجية مما صححها، وفي كل ما يرجع إلي حقوق الزوجية، فألزم الولي أن لا يعضلها إذا تراضوا بما هو معروف، وقوله تعالى: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} فخص المؤمنين بالوعظ، وهو أنه يريد حصول الاتعاظ، وليس ذلك إلا للمؤمنين، وقوله: {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} زكاة الإنسان وطهارته في حقيقة كونه بحيث يستحق في الدنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة عظيم المثوبة، وأن يصلح في الآخرة لمجاورة الله الأعلى بل مجاورة الله- عز وجل - ولهذا قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}، وقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}، وجعل تعالى الدلالة على أن ذلك أزكى وأطهر أنه قد حكم بذلك وهو عالم بالأشياء كلها وأنتم غير عالمين بها، فإذا علم وحكم فحق عليكم أن تقبلوا منه حكمه،

إن قيل: لم قال: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ} ثم قال: {ذَلِكُمْ أَزْكَى}؟

قيل: في ذلك أجوبة ..

أحدها:

أن كاف الخطاب مع (ذا) تارة تفيد الخطاب، فيراعى فيه المخاطبون فيثني، ويجمع، ويؤنث بحسبهم، وتارة يعتبر به الفرق بين القريب والبعيد، فليقال: (ذا) لما يتصور قريبا، و (ذاك) لما يتصور بعيدا، فلا يثنى ولا يجمع، فعلى هذا؟ (ذلك)، و (ذلكم).

<<  <  ج: ص:  >  >>