للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الآية: (٢٥٤) - سورة البقرة.

قد تقدم الكلام في معنى البيع والشراء، وإن كل واحد منهما يوضع موضع الآخر، ومبايعة الولاية من ذلك، والبيعة يجوز أنها سميت بذلك نظراً إلى نحو معنى قوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية، كأنه الحالة التي يتبع الإنسان نفسه فيها من الله فسمي المكان الذي يحصل ذلك فيه بها، والخلل انفراج الشيئين، يقال: خللته: أي أصبت خلله، فاستعير منه الخليل، إما لتخلل كل واحد منهما قلب الآخر كما قيل: الحبيب لوصول كل واحد منهما إلى حبة قلب الآخر ..

قال الشاعر:

قد تخللت مسلك الروح مني .....

وبذا سمي الخليل خليلاً

أو لأنه تخلل أحوال الآخر، وعرف سرائره، ولهذا قيل أطلعته على عجزي، وتحرى فيهما عرقين في البطن، وبهذا النظر قال الشاعر:

لا تكتمن ذاك الطبيبا ....

ولا الصديق سرك المكتوما

أو لاعتبار افتقار كل واحد منهما إلى الآخر، وبهذا النظر قيل: الصديق للإنسان ضروري، وقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} على الاعتبار الأخير، وهو افتقاره إلى الله - عز وجل - في كل حال، كما أخبر عن موسى بقوله: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} وبهذا الفقر أشرف غنى،

<<  <  ج: ص:  >  >>