للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} الآية: (٢٦٤) - سورة البقرة.

التراب أصل في بابه، وترب يخصص بالتراب، وعبر به عن الفقر، وأترب صار ذا تراب، وعبر به عن المختص بالمال الكثير، فكأنه عبر عن المال بالتراب كما عبر بالثرى، وقول الشاعر في مخاطبة الدلو:

" واغترفي من تربها الأدق "

تصور منه معنى ترب وأترب، ففسر مرة بأنه دعاء عليها، كأنه قال: تربت فلا تخرجين إلا ترابا، ومرة بأنه دعاء لها، والمعنى أتربت، فأخرجت ماء كثيرا، والترب للذة على بناء القبل والقرن أي المقابل والمقارن، وكأنه الواقع مع غيره في التراب عند الولادة، وقيل معنى الترب الملاعب مع غيره بالتراب في الصغر، كقوله:

كما قسم الترب الصبي المقابل

والتريبة لعظم الصدر، حيث التفت عظام كأنها أتراب أي لدات، ولهذا قيل لها أتراب بلفظ الجمع، والوابل الذي يبل الأرض، أي يأتيها بالوبل، ويقال للمطر وابل ويرعى وبيل للنبات اليابس الذي يأتيه المطر، فيصير أذى للغنم وهو الذي يقال له النشر، ومنه اشتق الوبال وعنه استعير " أخذه أخذا وبيلا "، ويقال للعصا الثقيلة، وبيله الصلد، والصلت، والصلب تتقارب، لكن الصلد

<<  <  ج: ص:  >  >>