للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما يقال للنبيد شراب، واستعارة اسم الجنس والنوع لبعض منهما من أجل الكناية أحد ما يجب أن يراعى في الاشتقاق، والربا الزيادة على رأس المال من الربوة على ما تقدم، لكن في تعارف العرب هو لدفع دين بزيادة أو لزيادة ثمن لزيادة في الأجل، وصار في شريعتنا اسماً لذلك، ولبيع الأجناس الستة بعضها ببعض متفاضلاً ولما يجري مجراه على مقتضى العلة على حسب اختلاف،

الآية الثالثة، وقال بعض الفقهاء: البيع والربا لفظان عامان نظرا منهم إلى مقتضى، وقال بعضهم: هما مجملان، نظرا منهم إلى اعتبار شرائط فيهما لم تكن العرب تعتبرها، فصارت الأعراب لا تعرفها من دون المراجعة إلى صاحب الشرع، وكلا القولين صحيح بنظر ونظر، فإنهما عامان من وجه، ومجملان من وجه، ولذلك وصفهما الشافعي بالصفتين، فظن كثير من أصحابه أن قوله اختلف في ذلك، وردي في تفسير الآية أن المربى يقوم من قبره يوم القيامة مجنوناً، وأنه في المحشر يصرع ويوطأ بالأرجل إلى أن يحاسب الله الخلائق، ثم يدخل النار، وفي قراءة ابن مسعود: " لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم "، وقيل: معناه: من سوى بينهما يخرج في الآخرة من حد الأبرار إلى حال الدين اتبعهم الشيطان وكانوا من الغاوين، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا}، وقيل: هو تشبيه من لم يفرق بين البيع والربا مع شدة تضادهما وتباين ما بينهما في أن البيع سبب العدل والعمارة للعالم، والربا سبب الجور وخراب العالم فنبه أن قبح الربا مركوز في العقول، بحيث أنما من سوى بينه وبين البيع فقد بلغ به الجهل إلى حد الجنون، وقوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى}، أي من انتهى بعد الوعظ، فما أخذه من قبل ملكه، لا اعتراض عليه، ولكن أمره في الآخرة إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، وقيل: بل معناه: لا يؤخذ به في الدنيا ولا في الآخرة، ومعنى: {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} على طريق الوعد له والسكون منه وأنه قد خرج من حزب الشيطان إلى حزب الله، كقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>