للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل -:

{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}

الآية (٢٧٦) - سورة البقرة.

الحق نقصان الشيء حالاً فحالاً بحيث تخفى تفاصيله، يقال: محقه، فالمحق ومنه قيل: المحاق لآخر الشهر، وتربية الصدقات في الدنيا أن يثمر مال صاحبها، وذلك أدنى عنى النفس، ويدخر له لواحد سبع مائه ثم قد يزيد زيادة بلا حساب كما وعد، وعلى هذا ما روي لكن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

" إن الله يقبل الصدقات، ولا يقبل منها إلا الطيب، ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصليه، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد ".

قيل: ما الفرق بين الربا والبيع وكل واحد منهما أخذ ربحا على رأس المال؟

قيل: الفرق بينهما ظاهر، وذاك أنه قد تقدم أن الناس متفتقر بعضهم إلي بعض وإن كل واحد، قائم بأمر آخرين، فلو أمروا أن لا يأخذ بعضهم ربحاً على رأس ماله، لرغبوا عن التجارة لضياع سعيهم، فكان يتعذر لأحدنا أن يتحصل له في حالة واحدة أشياء محمولة من آفاق متباينة، والبائع يأخذ ما يأخذه من غير عوض ولا سعي، بل بتضييق فضلات ماله على المحتاجين من حيث لا يلحقه ضرر، فصار ذلك منه أكل مال الناس بالباطل المنهي عنه بقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ولأنها المواساة واجبة بالشرع والعقل، فلو أبيح للناس الربا هو الشح الذي جبلوا عليه لأدى إلى سد باب المعروف وإلى أن لا يوقي الإنسان شع نفسه المذكور في قوله: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>