للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كتبه، فهذا عقد (١) صحيح، مدلول عليه.

فإن قلتم على التفصيل (٢) يعلم، أو على الجملة؟ قلنا: لا ندرك ما تريدون، فإن أردتم بقولكم: على التفصيل، أنه لا يخفى عليه شيء، فذلك صحيح، وإن أردتم بالجملة، أنه يعلم شيئا، ويخفى عليه آخر، فلا يصح، لأن الدليل قد قام على (٣) أنه لا يخفى عليه شيء، فإنما نتكلم (٤) معكم، في عموم علمه وخصوصه، والجملة والتفصيل عبارات باردة، لا نلتفت لكم إليها، ولا نبني عليها حكما، ولا نصف الباري بشيء منها، لا نفيا ولا (٥) إثباتا، وإنما نصفه بما وصف به نفسه، ودل الدليل عليه من سعة علمه، وتقدس ذاته وصفاته، وأنه لا يخفى عليه شيء، كان أو لم يكن، تقدم أو تأخر، فعلى هذا عولوا، ودعوا بنيات الطرق، والألفاظ المحدثة، وخذوا (٦) ذات اليمين، وهو ما كان عليه السلف المتقدمون من الصحابة والتابعين، وقد بينا ذلك كله، في كتب الأصول، وهذه إشارة إلى جملة نكته (٧)، عاصمة لكم في هذا الباب، قاصمة لظهورهم، وذلك أنا نقول: إن (٨) الفلاسفة على قسمين (٩): منهم من يقول: إن الباري لا يعلم إلا نفسه (١٠)، ومنهم من يقول: يعلم غيره (١١)، ويلزمهم أن يقولوا: إنه لا يعلم شيئا. وقد رأيت منهم من يقوله، فأما من يقول: إنه يعلم نفسه ولا يعلم غيره، فيقال لهم: قولكم: إنه لا يعلم غيره، ما تعنون به؟ أتريدون لاستحالة ذلك (١٢)، أو لأنه لم يتفق؟ فإن كان لا يعلم غيره، لاستحالة ذلك، فهو باطل قطعا، لأن من يعلم نفسه يعلم غيره، وإن كان لأنه لم يتفق ذلك، فالذي يوجبه (١٣) ذلك للعبد، عدم ارتباط كل واحد منهما بصاحبه، والموجودات كلها مرتبطة


(١) ج: عندي.
(٢) ج: تكرر على التفصيل.
(٣) ج: - على.
(٤) ب: يتكلم.
(٥) ج، ز: - لا نفيا ولا.
(٦) ج، ز: وجدوا.
(٧) ج، ز: جمل نكتية.
(٨) ج: - إن.
(٩) ز: كتب على الهامش: قف انقسام الفلاسفة إلى قسمين في علم الله.
(١٠) مثل أرسطو وأتباعه.
(١١) كابن سينا. (الغزالي، تهافت الفلاسفة، ص ١٨٠ - ١٨٢).
(١٢) ب: + فهو باطل.
(١٣) ج: تكرر: يوجبه.

<<  <   >  >>