للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حنيفة (١) وهي عسيرة (٢) المبدأ، ولكنها سهلة المنتهى، قالوا: إن الشريعة لم تبح قط (٣) دما بترك المفروض (٤) كالوضوء والصوم والزكاة والحج، وإنما أباحت (٥) الدم بفعل المحظور كالرق والقتل والحرابة. والذي انتهى إليه التحقيق في ذلك، المتفق عليه (٦) ما أوردناه في "مسائل الخلاف". لبابه يتحصل في ثلاثة مسالك. المسلك الأول: منع الوضوء والصوم، وارتكاب إباحة دم من تركها متعمدا. فأما الحج فهو على غير [و ٩٠ ب] الفور عند قوم، فلا يتحقق فيه الترك المتفق عليه. وأما الزكاة فمقصودها الأوكد وهو أخذ المال ممكن، وتبقى النية وهو الركن الثاني فليس (٧) يمتنع في الشريعة استقلال الأمر بأحد ركنيه، وقد بيناه في "مسائل الخلاف"، فلا نطول به (٨) في هذه الإشارة. المسلك الثاني: أنا نقول لهم: قد اتفقنا على قتله إلا أنكم (٩) قلتم يقتل بالسوط، وقلنا يقتل بالحديد، والحقوق تستخرج بالحديد، كما تستخرج بالسوط، ألا ترى أنا نستخرج حق الله في الإسلام من المرتد بالحديد. المسلك الثالث: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك الصلاة فقد كفر" وهذا وإن لم يفد حقيقة الكفر، فليفد جزاء (١٠) الكفر، لئلا يبقى اللفظ عاريا عن إحدى فائدتيه وهي الحقيقة أو المجاز (١١). فإن قيل: فكيف نقول (١٢) في الأمثلة التي استشهدتم بها وهي قوله في النساء، وفي العبد الآبق؟ قلنا: ليس هنالك حق (١٣) يستخرج بالفعل المؤدي إلى تلف النفس، بخلاف مسألتنا فإنا اتفقنا على أن يستخرج منه هذا الحق، وإن أدى إلى تلف نفسه وإراقة دمه، وإن اختلفنا في صفة ذلك.


(١) د: ح.
(٢) ب: عسرة.
(٣) د: - قط.
(٤) ب، ج، ز: مفروض.
(٥) د: إباحة.
(٦) د: - المتفق عليه.
(٧) د: وليس.
(٨) ب، ج، ز: - به.
(٩) ب: - إلا أنكم.
(١٠) د: جزء.
(١١) ب: والمجاز.
(١٢) د: كيف تقولون.
(١٣) ج: + حتى.

<<  <   >  >>