للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملحد لا رأس مال له في الإسلام، فمزج ما نقل من الطب بألفاظ وعقائد تتعلق بالإلحاد، وتعارض الشريعة، في فروعها وأصولها ليتوهم من ترحمت له أن (١) أهذه الأمم الفاضلة التي تولت هذه العوم الغريبة (٢)، كانت على هذه (٣) النحل، فطمحت نفوسهم إلى معرفة تفاصيلها، فاجتمعوا، وجمعوا آراءهم، كما كانت أغراضهم، ولم يقدموا قاضيا في البلاد إلا أن يكون على هذه العقيدة، ولا أميرا ولا كاتبا، إلا وهو فيها، ولا ينظم في سلك الخاصة إلا من كان قائما بها، ولا يتوسع في العطاء إلا لأمثالهم (٤):

وقد فتن الناس في دينهم...وخلى (٥) ابن برم شرا طويلا

فكادوا على الملك (٦) في سعيهم...وأعدوا على الدين داء دخيلا (٧)

وعم الباطل، وظهرت الزندقة، وثارت البدع، وتوجهت المطالبة على البرامكة (٨) الذين كانوا يعضدون (٩) القضاة والأمراء والعمال، والقائلين بذلك، فلما لم يمكن مطالبتهم بهذه المعاني عند الخلافة لتعذر الطريق إلى ذلك، من إقامة البينة، وتحصيل الشهادة، على وصف العدالة، وعدم (١٠) إمكانه تدرع الناس إلى المطالبة من جهة الدولة، والحريم، وكانت الملة على الذهاب، فإنهم كانوا قد بثوا (١١) الدعاة في آفاق الأرض على وجه يطول شرحه،


(١) ب، ج، ز: - إن. وكتب على هامش ج، ز: إن هذه.
(٢) ب: العربية.
(٣) ج، ز: هاته.
(٤) ج: مثالهم. وصحح في الهامش.
(٥) د: حل.
(٦) د: الدين.
(٧) ب، ج، ز: كتب البيتان على نثر.
(٨) ز: كتب على الهاش: وقد ذكر صاحب تحفة المجالس حكاية في سبب قتل البرامكة، لا حاجة لذكرها كلها، بل محل الحاجة منها: أن الرشيد أرسل إلى الأصمعي ليلة قتله جعفرا ولما قدم عليه وكشف الطست المغطى بمنديل، وهاله رؤية رأس جعفر فيه قال له الرشيد: يا أصمعي لا تحزن فإن القوم كانوا يعبدون النجوم فأرخيت لهم حتى اسغرقوا في الأمل، ونسوا الأجل، فأخذتم بغتة وهم لا يشعرون إلى اخره وهذا تأييد لما ذكره الإمام ابن العربي رضي الله عنه انتهى من خط الشيخ سيدي أحمد بن عبد الله السوسي.
(٩) ج: يقصدون.
(١٠) ب: بياض مكان (وعدم). وعلق ابن باديس عليه بقوله: ولعدم أو نحوه.
(١١) ج: بث.

<<  <   >  >>