للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذلك أضبط لها. وأول من يؤثر عنه هذا المذهب معمر (١) القدري، والجاحظ المفتري، وقد قام بحمد الله وتوفيقه الدليل على أن الله وحده خالق الأجسام، والأعراض، وتبين أن العبد مكتسب غير فاعل، فإذا ثبت استحالة الفعل من الحي العالم الذي يقبل الأمر والنهي فاستحالته من الأموات أثبت، ولأن الإحراق الكائن مع اتصال النار بالأجسام المحترقة فعل محكم، إن أضيف إليها، بطل الاستدلال بالفعل المحكم على الحياة والعلم، نعم وعلى الوجود (٢)، وانقلبت الحقائق وبطلت الأدلة، ولأن النار إن (٣) أحرقت بذاتها، وجب أن تحرق كل ما يتصل بها من حار (٤) وبارد ورطب ويابس، فإن (٥) كانت تحرق بصفة لها، وهي الحرارة، فلا يخلو أن تنتقل إلى المحترق وذلك باطل، لاستحالة بقاء العرض، فضلا عن انتقاله، أو تحرق الحرارة وهي قائمة بالنار، ففي (٦) ذلك محال شنيع، وهو (٧) تجرد الأحكام للمحال، وللمعاني (٨) القائمة، بمحال (٩) آخر (١٠)، فيبيض عمرو (١١) ببياض (١٢) زيد، ويسود بكر بسواد خالد، فإن قيل أفي المشاهدة تريد أن تشكك الخلق؟ قلنا: المشاهدة وجود الإحراق فأما نسبته إلى النار فدعوى، فإن قيل وجدنا النسبة عربية شرعية، قلنا أضاف الله تعالى المعاني إلى الأسباب عند وجودها على حكم اللغة العربية، والحقيقة وراء ذلك، والذي يكشف الغطاء معهم في ذلك أن يقال لهم: ليس لكم عمدة إلا اقتران الموجودين وهو اتصال النار بالأجسام، ووجود الإحراق حينئذ، فبجهلكم بحقيقة الفاعل القادر،


(١) هو معمر بن عباد السلمي أبو عمرو من أهل الطبقة السادسة معاصر لأبي الهذيل العلاف والنظام، وله صلة وثيقة بالفلسفة (الدكتور النشار، نشاة الفكر الفلسفي في الإسلام الطبعة الرابعة، دار المعارف، الإسكندرية، ١٩٦٦هـ/، ص ٦٠٧ وما بعدها).
(٢) ب، ج، ز: الوجوب.
(٣) ب، ج، ز: وإن.
(٤) ب، ج، ز: حر.
(٥) د: وإن.
(٦) ب، ج، ز: وهي مع ذلك.
(٧) ب، ج، ز: وهي.
(٨) ب، ج، ز: والمعاني.
(٩) ب، ج، ز: فمحال.
(١٠) ب، ج، د، ز: آخر. وأغلب الظن أن صواب الكلمة "آخر" ليستقيم الكلام.
(١١) ب: عمر، ب: - عمرو.
(١٢) ج: وبياض.

<<  <   >  >>