للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحبة فيه وولاية له وأما البر الواجب للأبوين الكافرين والتذلل لهما والإحسان إليهما فكل ذلك مرتبط بالبراءة منهما وإسقاط المودة الدينية.

الإشكال الثامن: هل هنالك تعارض بين الولاء والبراء الشرعي وبين الأمر ببر الوالدين الفاسقين وصلة الرحم الفاجرة وعدم وجوب الطلاق بين الزوجة المؤمنة الصالحة من زوجها الفاسق المسلم والعكس؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

اعلم أولاً أن أهل العلم قرروا أن محبة عصاة المؤمنين الراجح شرهم على خيرهم وأهل البدع (غير المكفرة) مكروه ولا يصل إلى درجة التحريم وبغضهم دينياً مُستحب ولا يصل إلى درجة الوجوب وعلى هذا لا يجب وجوبًا مطلقًا قطع الموالاة بين الفساق والعصاة من المسلمين وبين بقية المسلمين كما هو الشأن مع الكفار الخارجين على الإسلام , ولتعلم أن مباسطة الفاسق المسلم ومضاحكته إلى حد معين ومعقول بحيث لا يُظهر ما هو فيه من منكر غير محرمة لا سيما مع من يُخالطهم المسلم ومن له حق في الصلة كالأقارب وخاصة إذا كانت المبادرة منه هو في المضاحكة وإذا أردت الدليل على ذلك فهذا عبد الله بن حمار، كان يلقب حماراً. وقال ابن حجر: كان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويضحكه في كلامه ... وهو رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يشرب الخمر، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعنه رجل وقال: ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)) مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.

وبناءً على ماسبق فإنه في هذه الحال يزول الإشكال في الأمر ببر الوالدين الفاسقين وصلة الرحم الفاسقة التي لا تزال في دائرة الإسلام وعدم وجوب المفارقة بين الزوجين اللذين أحدهما فاسق مسلم والآخر مؤمنٌ تقي.

<<  <   >  >>