للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: كفر إباء واستكبار: مثل كفر إبليس: ومن هذا كفر من عرف الرسول ولم ينقد له إباء واستكباراً وهو الغالب على كفر أعداء الرسل كما قال تعالى عن فرعون وقومه: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}.ومنه كفر أبي طالب فإنه صدقه ولم يشك في صدقه ولكن أخذته الحمية، وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم.

الثالث: كفر إعراض: مثل من يعرض عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمعه، ولا يصدقه، ولا يكذبه ولا يواليه ولا يعاديه ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتة، كما قال أحد بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم (والله أقول لك كلمة: إن كنت صادقاً فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك وإن كنت كاذباً فأنت أحقر من أن أكلمك).

الرابع: كفر الشك: حيث لا يجزم بصدقه، ولا يكذبه، بل يشك في أمره، وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة، وأما مع التفاته إليها ونظره فيها فإنه لا يبقى معه شك لأنها مستلزمة للصدق.

الخامس: كفر نفاق: وهو أن يظهر بلسانه الإيمان وينطوي بقلبه التكذيب وهذا هو النفاق الأكبر.

٨ - للكفر شعب كما أنّ للإيمان شعباً كذلك، والمعاصي كلّها من شعب الكفر، كما أنّ الطّاعات كلّها من شعب الإيمان، وقد يجتمع في الرّجل بعض شعب الإيمان، وبعض شعب الكفر فيجتمع فيه إيمان وكفر.

٩ - تتفاوت أحكام الكفار في الدّنيا بحسب أقسامهم باعتبار كون كفرهم أصليّاً أو كفر ردّةٍ، وكونهم محاربين أو غير محاربين، وكونهم أهل كتابٍ أو ليسوا بأهل كتاب.

١٠ - يشترك الكفّار كلّهم بشتى أصنافهم في حكم الآخرة في أنّهم خالدون مخلّدون في النّار، أبد الآباد، لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها بحالٍ، وهم مع هذا ليسوا في درجةٍ واحدةٍ من العذاب، بل يتفاوتون في دركات النّار كما أنّ أهل الجنّة يتفاوتون في درجات الجنّة.

١١ - حكم أهل الكفر الأصغر في الدّنيا حكم سائر أهل المعاصي، لا يخرجون من دائرة الإسلام، ويحكم لهم بحكم المسلمين، وهم في الآخرة تحت مشيئة الله، إن شاء عذّبهم، وإن شاء غفر لهم، وإن عذّبهم بالنّار فإنّه لا يخلّدهم فيها، بل لا بدّ من خروجهم منها كسائر عصاة الموحّدين.

١٢ - التّكفير والتّفسيق أحكام شرعية لا مدخل للعقل فيها بحالٍ، فالكافر مَن جعله الله ورسوله كافراً، والفاسق مَن جعله الله ورسوله فاسقاً، وليس ذلك لأحدٍ.

١٣ - بيان الضّوابط الشّرعية لما يُكفّر به من الأعمال، وما لا يكفّر به، وهذه المخالفات إما أن تكون بترك مشروع، أو بفعل محظور. أمّا ترك المشروع فإما يكون ترك للاعتقاد، أو للقول، أو للعمل، أما ترك الاعتقاد فكفر، وأما ترك القول، فعلى قسمين: ما يكون تركه كفراً كالنّطق بالشّهادتين، وما لا يكون تركه كفراً كبقية واجبات اللّسان، وأما ترك العمل فعلى قسمين أيضاً: قسم مختلف في التّكفير بتركه، وهي أركان الإسلام الأربعة بعد الشّهادتين، وقسم متّفق على عدم التّكفير بتركه، وهي سائر الواجبات بعد أركان الإسلام. وأما فعل المحظور فينقسم إلى قسمين: ما

<<  <   >  >>