للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: موالاة مطلقة عامة، وهذه كفر صريح، وهي بهذه الصفة مرادفة لمعنى التولي لأجل الدين، وعلى ذلك تُحمل الأدلة الواردة في النهي الشديد عن موالاة الكفار، وأن من والاهم فقد كفر.

ثانياً: موالاة خاصة، وهي موالاة الكفار لغرض دنيوي مع سلامة الاعتقاد، وعدم إضمار نية الكفر والردة كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة في إفشاء سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزو مكة كما هو مذكور في سبب نزول سورة الممتحنة اهـ.

ومثل كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في تقسيم الموالاة إلى مطلقة وخاصة، كلام القرطبي وابن العربي وسليمان بن عبد الله ابن عبد الوهاب والشيخ حمد بن علي بن عتيق.

وعلى قول هؤلاء جميعًا: أن الموالاة المطلقة العامة، مرادفة لمعنى التولي، وهي بهذا الوصف كفر وردة، ومنها ما هو دون ذلك، بمراتب، ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم، بحسب نية الفاعل وقصده.

ومما سبق بيانه يتضح لي، أن الاختلاف في التفريق بين الموالاة والتولي، هو اختلاف لفظي، مع تطابق المعاني المقصودة لكل منهم.

والذي أميل إليه أن مصطلح التولي، أخص من مصطلح الموالاة، وعلى هذا يدل ظاهر القرآن والله أعلم , حيث أن التولي يفيد معنى الاتخاذ والالتزام الكامل بمن يتولاه، بخلاف الموالاة التي تدل على المحبة والمتابعة بدرجات متفاوتة ولذلك جاء تعبير القرآن الكريم بالنهي عن تولي الكفار قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: ٥١] وأمر بتولي المؤمنين فإن توليهم، أقوى من مجرد الموالاة الجزئية لهم، وإن كانت الموالاة العامة للمؤمنين أو الكفار تلتقي مع التولي. قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) وهذا ما قال به جمهور العلماء، ما عدا ابن سعدي الذي يرى أن مصطلح التولي يُرادف مصطلح الموالاة، دون أن يذكر مستنداً لغوياً أو شرعياً لما ذهب إليه، مما يجعل القول، بأن مصطلح التولي ومصطلح الموالاة بينهما عموم وخصوص، وهذا هو القول الراجح.

وعلى هذا فخلاصة الفرق بين الموالاة والتولي في المفهوم الشرعي:

أن التولي ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: تولي لأجل الدين: وهو الدفاع عن الكفار، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي لأجل دينهم وهذا كفر صريح يُخرج من الملة الإسلامية ويُعتبر هذا التولي موالاة مطلقة.

القسم الثاني: تولي لأجل الدنيا: وهو الدفاع عن الكفار، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي لأجل غرض دنيوي مع عدم إضمار نية الكفر والردة عن الإسلام باستثناء التقية والإكراه طبعاً كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة (رضي الله عنه) عندما كتب إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا الشأن قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) ... إلى قوله (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) فمثل هذا الفعل يُعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، ويُخشى على صاحبه الكفر علماً بأن حاطب رضي الله عنه الذي أنزلت الآيات في حقه له اعتبارات خاصة، مثل كونه من أهل بدر، وسبقه إلى الإسلام، وسلامة قصده، ولذلك فقد عفا الله عنه.

وأما الموالاة فهي المحبة بغض النظر عن درجتها فكل من أحببته وأعطيته، ابتداءً من غير مكافأة فقد أوليته، وواليته، والمعنى أي أدنيته إلى نفسك ومسمى الموالاة لأعداء الله يقع على

<<  <   >  >>