للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين لله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه، ولهذا أوجبت الشريعة قتال الكفار ولم توجب قتل المقدور عليهم منهم. اهـ.

ولمعرفة أسباب القتال في الإسلام يحسن أن ننقل كلام الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه أصول الدعوة حيث يقول: يقول بعض الكتاب المحدثين: إن القتال في الإسلام أو الجهاد في الإسلام هو دفاعي لا هجومي، بمعنى أنَّه لا يجوز للدولة الإسلامية أن تهاجم دولة غير إسلامية إلّا إذا هاجمتها هذه الأخيرة، والواقع أنَّ هذا القول غير سديد وينقصه التحقيق والتدقيق، ولا تدل عليه دلائل الشريعة، ذلك أنَّ القتال في الإسلام له أسباب: منها: ردّ الاعتداء، وفي هذا قال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. ومنها: القتال لنصرة ضعفاء المسلمين الذين يتعرَّضون لظلم الكفرة، قال تعالى: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا.

ومنها: أن يبدأ المسلمون قتال الكفرة إذا رفضوا الإسلام ومنعوا المسلمين من تولي الحكم والسلطان، لإقامة شرع الله وتطبيقه في الأرض، وهذا هو الذي يجادل فيه البعض ويعتبره من قبيل القتال الذي يبدأ به المسلمون غيرهم بلا مبرِّر، والحقيقة أنَّ القرآن والسنة النبوية يدلان على هذا النوع من القتال، وقال تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ـ والحقيقة أنَّ بدء المسلمين لغيرهم بالقتال إذا رفضوا الإسلام أو الجزية إنَّما هو لمصلحة عموم المشركين الذين يخضعون لسلطان الكفر، لأنَّ المسلمين يريدون بهذا القتال رفع هذا الحكم الكافر عنهم، وإزالة شرائعه الباطلة، ورفع الحواجز عن عموم الناس لرؤية الإسلام وشرائعه، فمن شاء آمن، ومن شاء بقي على كفره بشرط الولاء للدولة الإسلامية. وهذا كله من مصلحة المشركين الدنيوية والأخروية، أمَّا الدنيوية فتظهر في تمتعهم بعدل الإسلام والمحافظة على أموالهم وحقوقهم، وأمَّا الأخروية فبتهيئة سبل رؤيتهم الإسلام واحتمال دخولهم فيه عن رضًى واختيار، لا عن جبر وإكراه، وفي هذا سعادتهم وفوزهم في الآخرة. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية تحت عنوان: حكمة تشريع الجهاد ـ القصد من الجهاد دعوة غير المسلمين إلى الإسلام أو الدخول في ذمة المسلمين ودفع الجزية وجريان أحكام الإسلام عليهم، وبذلك ينتهي تعرضهم للمسلمين، واعتداؤهم على بلادهم، ووقوفهم في طريق نشر الدعوة الإسلامية، وينقطع دابر الفساد، قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين. وقال عز وجل: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. اهـ.

وأخيرا نذكر بأن غير المسلمين قد جرّوا على البشرية من أنواع الحروب والعنف والقتال ما لم يعرفه الإسلام، ولا يقبله المسلمون، لا من حيث الغاية، ولا من حيث الأسلوب والضوابط، ولا من حيث الآثار، ويكفي للوقوف على حقيقة ذلك مقارنة التاريخ الحربي للمسلمين بطوله، بالتاريخ الغربي في الحربين العالميتين فقط، جاء في الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي: انتهت الحرب العالمية الثانية في سنة ١٩٤٥م بعد استسلام ألمانيا في مايو ١٩٤٥م، وإلقاء القنبلة الذرية على اليابان واستسلامها في سبتمبر سنة ١٩٤٥م، ونتج عن هذه الحرب خسائر فادحة في الأرواح والأموال والعمران، كما أنها خلفت مشكلات

<<  <   >  >>