للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فالله عز وجل هنا نفى الولاية بين المؤمنين في دار الهجرة والمؤمنين في دار الحرب ومن المعلوم بأنه لم ينفي المحبة بينهم والأخوة.

هذه جملة أقوال هذا الفريق , وهذا المذهب ضعيف بلا شك ويُخالف صريح قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) وقد تأول أصحاب هذا المذهب قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ... الآية) فقال أحدهم في معناها (فهو نهي المؤمنين أن يتخذوا لأنفسهم بطانة من الكافرين الموصوفين بتلك الأوصاف على القول بأن قوله لا يألونكم ... إلخ نعوت للبطانة هي قيود للنهي، وكذا على القول بأنه كلام مستأنف مسوق للتعليل، فالمراد واحد، وهو أن النهي خاص بمن كانوا في عداوة المؤمنين على ما ذكر، وهو أنهم لا يألونهم خبالاً وإفساداً لأمرهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. فهذا هو القيد الأول، والثاني قوله - عز وجل -: ودوا ما عنتم أي تمنوا عنتكم، أي وقوعكم في الضرر الشديد والمشقة. والثالث والرابع قوله: قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر أي قد ظهرت علامات بغضائهم لكم من كلامهم، فهي لشدتها مما يعوزهم كتمانها ويعز عليهم إخفاؤها، على أن ما تخفي صدورهم منها أكبر مما يفيض على ألسنتهم من الدلائل عليه، ... ثم قال: وأنت ترى أن هذه الصفات التي وصف بها من نهي عن اتخاذهم بطانة لو فرض أن اتصف بها من هو موافق لك في الدين والجنس والنسب لما جاز لك أن تتخذه بطانة لك إن كنت تعقل، فما أعدل هذا القرآن الحكيم وما أعلى هديه وأسمى إرشاده! لقد خفي على بعض الناس هذه التعليلات والقيود فظنوا أن النهي عن المخالف في الدين مطلقاً، ولو جاء هذا النهي مطلقاً لما كان أمراً غريباً، ونحن نعلم أن الكافرين كانوا إلباً على المؤمنين في أول ظهور الإسلام إذ نزلت هذه الآيات ولا سيما اليهود الذين نزلت فيهم على رأي المحققين، ولكن الآيات جاءت مقيدة بتلك القيود لأن الله - تعالى - وهو منزلها - يعلم ما يعتري الأمم وأهل الملل من التغير في الموالاة والمعاداة كما وقع من هؤلاء اليهود فإنهم بعد أن كانوا أشد الناس عداوة للذين آمنوا في أول ظهور الإسلام قد انقلبوا فصاروا عوناً للمسلمين في بعض فتوحاتهم كفتح الأندلس وكذلك كان القبط عوناً للمسلمين على الروم في مصر فكيف يجعل عالم الغيب والشهادة الحكم على هؤلاء واحداً في كل زمان ومكان أبد الأبيد؟ ألا إن هذا مما تنبذه الدراية. ولا تروي غلته الرواية .... ثم قال: ما أشبه هذا النهي في قيوده بالنهي عن اتخاذ الكفار أنصاراً وأولياء، إذ قيد بقوله - عز وجل -: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ... انتهى) , (قلتُ لو رجع هذا القائل لكلام أهل التفسير

<<  <   >  >>