للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

س: هل يُتَبَرَأُ من المسلم لمعصيته؟

ج: لا يُتَبَرَأ من المسلم إذا كانت معصيته غير مكفرة؛ وإنما يتبرأ من المعصية التي هو عليها؛ ويناصح ويدعى بالتي هي أحسن، وبعض الناس يكره المؤمن العاصي أكثر مما يكره الكافر، وهذا من العجب وهو قلب للحقائق، فالكافر عدو لله ولرسوله وللمؤمنين ويجب علينا أن نكرهه من كل قلوبنا؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}. وقال تعالى فيمن قتل مؤمناً عمداً: {فمن عُفِيَ له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}. فجعل الله القاتل عمداً أخاً للمقتول مع أن القتل ـ قتل المؤمن عمداً ـ من أعظم الكبائر؛ وقوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}. إلى قوله: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}. فلم يخرج الله الطائفتين المقتتلتين من الإيمان ولا من الأخوة الإيمانية.

ومما يؤكد على ما قلناه ما رواه البخاري بسنده في صحيحه عنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ،

وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَلَدَهُ فِى الشَّرَابِ، فَأُتِىَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (١).

*****


(١) أخرجه البخاري (٦٧٨٠).

<<  <   >  >>