للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعملوا بما فيه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي: لأجل أن تتقوا بذلك سخط الله وعذابه؛ لأن ما يُتقى به سخط الله وعذابه هو معرفة أوامره ونواهيه، واجتناب النواهي وامتثال الأوامر كما هو معروف. وهذا معنى قوله: {وَاذكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣)} [الأعراف: الآيتان ١٧٢، ١٧٣].

واذكر يا نَبِيَّ اللهِ {وَإِذْ أَخَذَ} حِينَ أَخَذ {رَبُّكَ} جلّ وعلا {رَبُّكَ} معناه: خالقك وسيدك ومدبر شؤونك؛ والرب يطلق في لغة العرب على عشرة معانٍ، منها (١): السيد الذي يدبّر الشؤون ويسوس الأمور، تقول العرب: فلان رب هذه البلد؛ أي: سيدها الذي يدبر شؤونها ويسوس أمورها، ومنه قول علقمة بن عَبَدة التميمي (٢):

وَكُنْتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِلَيْكَ رَبَابَتي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْني فَضِعْتُ ربُوبُ

أي: سادتني سادة وساسوني.

وقوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ} من أولاد أبينا آدم. وقوله: {مِن ظُهُورِهِمْ} بدل من {مِن بَنِي آدَمَ} بدل بعضٍ من كل.

وقوله: {ذُرِّيَّتَهُمْ} قرأ هذا الحرف ابن كثير والكوفيون -أعني عاصمًا، وحمزة، والكسائي-: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} بصيغة الإفراد، والذرية بالإفراد تعم، وقرأه نافع،


(١) مضى عند تفسير الآية (٤٥) من سورة الأنعام.
(٢) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>