للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماء، يستدل قائل كل من القولين عليه بأدلة كثيرة، وقد كان أبو قتادة (رضي الله عنه) يوم حنين رأى رجلاً من المشركين يُرِيدُ أَنْ يقتل رجلاً من المسلمين، فجاءه من خلفه فضربه على حبل عاتقه بالسيف، قال: فرجع إليَّ فَضَمَّنِي ضَمَّة شممت منها رِيح الموت، ثم أدْرَكَهُ المَوْتُ فأرسلني. ثم لما جلس النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء المعركة وقال: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ». قلت: من يشهد لي -بعد مرات- فقال رجل: صدق يا رَسُول الله سلبه عندي، أرضه منه. وقال له أبو بكر (رضي الله عنه): لا ها الله لا يعمد إلى أسد من أسود الله يقاتل عن الله ورسوله ويعطيك سَلَبه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ، أَعْطِهِ سَلَبَهُ» قال أبو قتادة (رضي الله عنه): فاشتريت به مخرفاً -يعني حائطاً يُخْرف منه الثمار- وكان أول مال تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَام (١). هكذا قال أبو قتادة رضي الله عنه.

واعلموا أن بعض العلماء قال: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إذا قال: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ». هل يملك القاتل سلب القتيل بمجرَّدِ قَتْلِهِ، أو لا بد أن ينفذه له الإمام؟ فقال بعض العلماء: يملكه؛ لأن ذلك هو مقتضى كلامه صلى الله عليه وسلم.

وقال بعض العلماء: لا يملكه إلا بتنفيذ الإمام. واستدلوا لهذا بأدلة منها: ما ثبت أن أبا جهل -لعنه الله- يوم بدر ابْتَدَرَهُ مُعَاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء (رضي الله عنهما) فأطارا قدمه بنصف ساقه، ثم جاءا النبي صلى الله عليه وسلم فقال كل واحد منهما: أنا قتلته.


(١) البخاري في فرض الخمس، باب من لم يخمس الأسلاب. حديث رقم: (٣١٤٢) (٦/ ٢٤٧)، ومسلم في الجهاد، باب استحقاق القاتل سلب القتيل. حديث رقم: (١٧٥١) (٣/ ١٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>