للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيكون عموماً، فهو لفظ عام على كلا التَّقْدِيرَيْنِ يصدق بكل مشرك، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن تخصيص هذا اليوم بنهيه عن بعض مَنْ يَتَّصِفُ بالشرك، من ذلك: النساء والصبيان من الكفار فإنهم من المشركين، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن قتلهم، وكذلك الرهبان في الصوامع نهى عن قتلهم، وكذلك الشيوخ الفانية نهى عن قتلهم، إلا إذا كان الشيخ الفاني يُستعان برأيه فإنه يُقتل؛ لأن رأيه عظيم على المسلمين؛ ولأجل ذلك قتل الصحابة دُريد بن الصمة يوم حنين، وكان ذا شيبة أعمى للاستعانة برأيه؛ لأنه وضع لهم الرأي الحكيم السديد، وخالفه مالك بن عوف النصري كما سيأتي إيضاحه في غزوة حنين في هذه السورة الكريمة. وكذلك المُعاهدون.

وهذه الآية الكريمة قال بعض العلماء (١): قد لا تتناول أهل الكتاب؛ لأن آيتهم مذكورة في هذه السورة؛ لأن الله يقول: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة: آية ٢٩] فالكتابي إذا أعطى الجزية يخرج من عموم هذه الآية.

واعلم أن بعض العلماء (٢) قالوا: إن الكتابيّ لا يدخل في اسم المشركين. قالوا: لأن الله غاير بينهما في آيات كثيرة كقوله: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: آية ١] فعطف المشركين على أهل الكتاب، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ


(١) انظر: القرطبي (٨/ ٧٢).
(٢) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>