للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: آية ٤٦]، و {مُلَاقُو} أصلُه (مُلاقيون) (مُفاعلون) منقوصٌ، والمنقوصُ تُحْذَفُ ياؤُه عندَ التصحيحِ (١)، وَحُذِفَتْ نُونُ (مُلاقون) للإضافةِ (٢)، أي: مُلَاقُو رَبِّهِمْ. والمرادُ بهذه الملاقاةِ: أنهم يُعْرَضُونَ على ربهم يومَ القيامةِ، فيجازيهم على أعمالهم، كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: آية ١٨] وقال (جل وعلا): {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} الآيةَ [العنكبوت: آية ٥].

وقوله: {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: آية ٤٦]، أي: يُوقِنُونَ أنهم أيضًا

إليه راجعونَ (جل وعلا) يومَ القيامةِ فَمُجَازِيهِمْ على أعمالِهم، وَقَدَّمَ المعمولَ الذي هو الجارُّ والمجرورُ في قوله: {إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} لأَمْرَيْنِ، أحدهما: المحافظةُ على رؤوسِ الآي، والثاني: الحصرُ، وقد تقررَ في فَنِّ الأصولِ في مبحثِ دليلِ الخطابِ - أعني مفهومَ المخالفةِ (٣) -: أن تقديمَ المعمولِ من أدواتِ الحصرِ، وكذلك تَقَرَّرَ في فَنِّ المعاني في مبحثِ القصرِ (٤) أن تقديمَ المعمولِ من أدواتِ


(١) قال في معجم مفردات الإبدال والإعلال: ص٢٣٨، (ملاقوا: اسم فاعل من الثلاثي المزيد «لاقى» جُمع جمعا سالما على وزن مُفاعُوا، أصله «ملاقيُو» استُثقِلت الضمة على الياء فحذفت، فالتقى ساكنان، فحُذفت الياء، وضُم ما قبل الواو للمجانسة، أو: نُقِلت ضمة الياء إلى القاف قبل حذف الياء) اهـ ص٢٣٨.
(٢) انظر: المحرر الوجيز (١/ ٢٠٧).
(٣) انظر: البرهان للزركشي (٢/ ٤١٤)، (٣/ ٢٣٦)، البحر المحيط للزركشي (٤/ ٥٦)، الكوكب الدري ص٤٢٧، الكليات ص١٠٣٢، ١٠٦٥، أضواء البيان (٣/ ٢٧٨).
(٤) انظر: التلخيص في علوم البلاغة (وشرحه للبرقوقي) ص١٤١ - ١٤٢، الإيضاح للقزويني ص١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>