للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ المُجْرِمِينَ (١٤٧)} [الأنعام: الآية ١٤٧].

الواو في قوله: {فَإِن كَذَّبُوكَ} قال بعض العلماء (١): راجعة إلى اليهود؛ لأنهم أقرب مَنْ ذُكر في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} فإن كذبوك وقالوا: لم تُحرم علينا هذه الأشياء جزاءً ببغينا، بل ما كان حراماً علينا إلا ما حَرَّمَهُ إسرائيل على نفسه {فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ}.

الوجه الثاني: أنه راجع إلى كفار مكة الذين أُرسل إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبَيَّنَ لَهُم أن شركهم بالله باطل، وأن تشريعهم الحلال والحرام بالكذب باطل، فإن كذبوك وقالوا: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا، والبَحِيْرَة حق، والسائبة حق، وما جرى مجرى ذلك، فقل: ربكم ذو رحمة واسعة.

وقال بعض العلماء: يرجع إلى الجميع، فإن كذبك الكفرة المعادون المعاندون من مشركين ويهود فقل لهم: ربكم الذي أنشأكم وأوجدكم ذو رحمة واسعة، إلا أن هذه الرحمة الواسعة ذكر الله في سورة الأعراف أنها مخصوصة بالمتقين حيث قال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: الآية ١٥٦] لا لكل كافر وفاجر.

وقد قَدَّمْنَا فِي تَفْسِير (البسملة) و (الفاتحة) أن (الرَّحْمَةَ) صفة من صفات الله، اشتق لنفسه منها اسم (الرحمن) و (الرحيم)، وأن


(١) انظر: ابن جرير (١٢/ ٢٠٧)، البحر المحيط (٤/ ٢٤٥ - ٢٤٦)، الدر المصون (٥/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>