للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالله لأفعلن كذا).، وقلما يحذف كما فى قوله تعالى: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (١١).

ولقد ذكر جار الله الزمخشرى الفرق بين الباء والتاء: أن الباء الأصل، والتاء مبدلة من الواو التى مبدلة منها، وفى التاء زيادة معنى التعجب (١٢). فالغالب فى أداة القسم ائتلافها من فعل وحرف على ما وصفنا.

وقد يكون القسم جملة اسمية، فيحذف خبرها وجوبا إذا كان المبتدأ نصا فى اليمين كقولهم: (لعمر الله لأفعلن كذا)، وقوله تعالى:

لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٣) وتقدير المحذوف: يمينى أو قسمى، فإن لم يكن نصا فى اليمين أو القسم جاز حذف الخبر وذكره، كما فى قولهم: (عهد الله لأفعلن كذا). نصّ على ذلك ابن عقيل فى شرحه «لألفية ابن مالك».

و «فى حاشية الخضرى» شرح معنى قولهم: (نصا فى القسم) بأن يكثر ويغلب استعماله فى القسم. وبيّن أن (عهد الله) يعتبرها بعضهم (نصا فى القسم)، فلا إشكال فى تسوية الفقهاء بينها وبين (العمر)؛ لأنهما كناية يمين، ولا ينعقد بهما إلّا مع النية (١٤) وقد تحذف أداة القسم والمقسم به معا ويدلّ عليهما باللام الموطئة للقسم كقوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً (١٥)، وقد يحذفان فلا يدلّ عليهما إلّا المعنى، قال السيوطى نحو: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها (١٦).

رابعا: المقسم عليه: الأصل فيه وهو جواب القسم، أن يذكر كما سبق فى الأمثلة، وقد يحذف، فقد ذكر أبو على الفارسى أن الألفاظ الجارية مجرى القسم قسمان:

أولهما: التى كغيرها من الأخبار وليست بقسم، فلا تجاب بجواب، كما فى قوله:

وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا (١٧). فتجوز أن تكون قسما أو حالا للخلو من الجواب.

وثانيهما: ما يتلقى بجواب القسم كقوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ (١٨). بل يحذف جواب القسم مع هذا الثانى لحكمة. وقد بيّن شمس الدين ابن القيم فى (التبيان فى أقسام القرآن) أن القسم فى القرآن بأمور: على أمور، فيقسم- سبحانه- بذاته وصفاته، وآياته المستلزمة لذاته وصفاته، وبعض المخلوقات ليدل على عظيم آياته، ثم بين أن الغالب على القسم الجملة الخبرية، وقد تكون طلبية كقوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩)، وقد


(١١) سورة ص (٨٢).
(١٢) الكشاف (ج ٣ ص ١٤).
(١٣) سورة الحجر (٧٢).
(١٤) حاشية الخضرى على شرح ابن عقيل (ج ١ ص ١٠٧).
(١٥) سورة آل عمران (١٨٦).
(١٦) سورة مريم (٧١).
(١٧) سورة البقرة (٩٣).
(١٨) سورة النور (٥٣).
(١٩) سورة الحجر (٩٢، ٩٣).