للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن بعض العلماء، كابن تيمية والدكتور محمد الذهبى (١٠٤) - رحمهما الله تعالى- يرى جواز روايته، استنادا لما فهموه من الإباحة فى حديث «حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج» ولكن بعضا من العلماء رفضوا رواية هذا القسم، وقالوا كما توقفنا فى تصديقه نتوقف فى روايته، فأى تصديق لرواياته أقوى من أن نقرنها بالقرآن الكريم، فيتوهم القارئ أن فيها تفصيلا لما أجمل، وتبيينا لما أبهم؟ وعلى رأس هؤلاء الرافضين الدكتور محمد أبو زهو، والشيخ أحمد شاكر والدكتور/ عبد الوهاب عبد الوهاب فائد- رحمهم الله جميعا- (١٠٥) وهو رأى فى غاية القوة، وأحق أن يتبع، سدا للذريعة، وصيانة لصورة الإسلام العظيم، وكتابه الحكيم.

[٢٥ - بدع التفاسير وغرائبه:]

ويقصد بهذا العنوان تلك المفاهيم التى استحدثها بعض الناس، ووضعوها لمعان عجيبة ودخيلة على فهم السلف الصالح، وعلماء الأمة المعتدّ بهم، فى بيان المعنى المراد من النص القرآنى.

وعلى هذا: فإن بدع التفاسير وغرائبه تعتبر من الدخيل فى التفسير بالرأى.

[أسباب هذه البدع والغرائب:]

يمكننا أن نعتبر كل ما ذكرناه من أسباب الدخيل فى التفسير بالرأى أسبابا لهذه البدع والغرائب، ولكننا نخص بعضها هنا بالذكر، وعلى رأسها ما يأتى:

١ - عدم اجتناب الأمور التى يجب على المفسر اجتنابها.

٢ - تفسير القرآن باللغات الغريبة النادرة.

٣ - تخريج إعراب القرآن على الوجوه الضعيفة أو الشاذة.

٤ - عدم مراعاة سياق الآية.

٥ - تحريف الكلم عن موضعه، بتقطيع اللفظة الواحدة إلى لفظتين، أو تحويل اللفظتين إلى لفظة واحدة.

ومن أمثلة تلك البدع والغرائب:

١ - ما ذكره الزمخشرى والمعتزلة فى تفسير قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [البقرة: ٢٥٥] بأن المراد بالكرسى: علم الله تعالى.

٢ - ما ذكره بعض المتصوفة فى الآية نفسها، فى قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ بأن المعنى (من ذلّ)، من الذل (ذى) يعنى النفس (يشف) من الشفاء، (ع) من الوعى، فقطعوا الكلمة الواحدة إلى أجزاء، وعلى عكس ذلك جعلوا


(١٠٤) انظر: مقدمة فى أصول التفسير: ٣٤، والإسرائيليات للذهبى: ٨٦، ٨٧، طبعة/ مجمع البحوث الإسلامية.
(١٠٥) انظر رأيهم فى: عمدة التفسير، للشيخ أحمد شاكر: ١/ ١٥، طبعة/ دار المعارف، والدخيل للدكتور فائد: ١/ ١٥٧، طبعة حسان.