للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما الاختلاف بين الجملتين فى الخبرية معنى فحسب، فقد مثلوا له بقولهم.

«مات فلان رحمه الله» فالجملة الأولى «مات فلان» خبرية لفظا ومعنى والجملة الثانية «رحمه الله» خبرية لفظا إنشائية معنى، لأنها فى قوة «اللهم ارحمه»

أما فى القرآن الكريم فمن أمثلته قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٨). فقد فصلت جملة إِنَّ شانِئَكَ عن جملة وَانْحَرْ لأن الأولى إنشائية لفظا ومعنى. والثانية خبرية لفظا ومعنى، فبين الجملتين كمال الانقطاع كما ترى.

ومثلهما قوله تعالى:

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ (٩).

فصلت جملة قُلْ بَلى وَرَبِّي عما قبلها قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لأن الأولى خبرية لفظا ومعنى، والثانية إنشائية لفظا ومعنى. فبين الجملتين كمال الانقطاع وهذا كثير جدا فى القرآن الكريم، ويأتى على صورتين.

* أن تكون الأولى إنشائية والثانية خبرية، كما تقدم فى سورة «الكوثر».

* أن تكون الأولى خبرية، والثانية إنشائية، كما فى سورة «سبأ».

هذا هو كمال الانقطاع الموجب لفصل الجملة الثانية عن الأولى والفصل هو ترك العطف بالواو خاصة كما تقدم.

* كمال الاتصال: ويتحقق كمال الاتصال بين الجملتين بعدة اعتبارات.

الأول: أن تنزّل الجملة الثانية منزلة البدل من الجملة الأولى، ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى: أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٠)

فصلت جملة أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ عن جملة أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ لأن الجملة الثانية نزلت منزلة البدل مما قبلها. لأن معنى الجملتين واحد، غير أن معنى الأولى مجمل، ومعنى الثانية مفصل، فبين الجملتين كمال الاتصال كما ترى.

ويلاحظ أن جملة أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وما عطف عليها منزّلة منزلة بدل البعض من الكل، لأن إمداد الله للعباد أعم من الأنعام والبنين، والجنات والعيون.

والداعى البلاغى لهذا الإبدال هو إظهار الامتنان على المخاطبين، بذكر النعم مجملة فى الآية الأولى، ومفصلة بعض التفصيل فى الآية الثانية والثالثة.

وقد تكون الثانية منزلة من الأولى منزلة بدل الاشتمال ومثاله قوله تعالى:


(٨) الكوثر (٢ - ٣).
(٩) سبأ (٣).
(١٠) الشعراء (١٣٢ - ١٣٤).