للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(هـ) وأبهم أيضا أخت موسى فى قوله سبحانه: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ القصص: ١١

واسمها- كما قال السيوطى فى «الإتقان»:

مريم وقيل: كلثوم.

والأصح: أن اسمها مريم لقول الله- تعالى- حكاية عن مريم ابنت عمران، إذ عيّرها قومها بقولهم كما حكى الله عنهم: يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا مريم: ٢٨ يعنون أنها أخته فى الفضل والصلاح تعريضا بها، وأخته أيضا من حيث إن له أختا بهذا الاسم، وقيل: إنها كانت من نسله، والله أعلم.

وقد أبهم الله اسمها كما أبهم اسم أمها اكتفاء بنسبتها إلى أخيها موسى- عليه السلام- واكتفاء بذكر ما قامت به من عمل جليل تذكر به فى القرآن على مر الزمان.

وقد وصفها الله بالحكمة وبعد النظر، وحسن الحيلة فى جلب أخيها من قصر فرعون إلى بيتها ليعيش فى سرور وحبور بعيدا عن الطاغية، ونكاية فيه.

(و) وأبهم الحق- جل شأنه- اسم امرأة فرعون واكتفى بذكر دعائها تعظيما لشأنها معه؛ فهذا الدعاء يدل دلالة قاطعة على أنها أخلصت له دينها واختارت جواره، واستغاثت به من شر كل كفار أثيم، وظالم لنفسه وللمؤمنين.

قال جل شأنه: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ التحريم: ١١.

واسمها آسية بنت مزاحم كما جاء فى كتب التفسير.

وعدم ذكر اسمها فى القرآن لا يضيرها، ولا يضير من جهله، فالوصف أقوى بكثير من ذكر الاسم فى كثير من المواطن، كما هو معروف عند أهل اللغة بوجه عام، وعند المتخصصين فى دراسة لغة القرآن بوجه خاص.

ونسبها إلى فرعون للدلالة على أنها آثرت ربها الذى خلقها على هذا الفرعون الذى أغدق عليها من نعم الدنيا ما لم تجده امرأة سواها؛ لتكون عبرة لغيرها وقدوة لأمثالها.

(ز) وممن أبهم الله ذكرهن تعظيما لهن وسترا عليهن، التى جادلت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى زوجها، ورفعت شكواها إلى الله- عز وجل- وهى خولة بنت ثعلبة.

قال الله عز وجل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ المجادلة: ١