للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (الشورى: ٢٠).

والحرث: الثواب والنصيب يقول تعالى:

مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ (الشورى: ٢٠).

والحرث: النساء يقول تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (البقرة: ٢٢٣) وذلك على سبيل التشبيه، فبالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الإنسان، كما أن بالأرض

زرع ما فيه بقاء أشخاصهم (٣٨).

[٢٢ - الحنفاء]

من الحنف وهو الميل عن الضلال إلى الاستقامة.

والحنيف: هو المائل إلى ذلك، كما فى قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (النحل: ١٢٠)، وقوله تعالى ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (آل عمران: ٦٧).

وجمع الحنيف: حنفاء أى: المائلون عن الضلال إلى الاستقامة، قال تعالى:

وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ (الحج: ٣٠، ٣١).

وسمّت العرب كل من حج البيت أو اختتن:

حنيفا؛ تنبيها على أنه على دين إبراهيم (٣٩).

واشتهرت كلمة (الحنفاء) على عدد من العرب، لم تعجبهم عبادة الأصنام؛ حيث رأوها لا تنفع ولا تضر، ولا تملك لنفسها شيئا، وأن هناك- بالضرورة- قوة قادرة تمد العالم بالحياة، وأن هذه المعبودات من الأصنام التى آمن بها العرب لا توصلهم إلى الله الحق أبدا، فمالوا عنها، وأخذوا يبحثون بعقولهم عن الله الواحد سبحانه وتعالى.

ومن هؤلاء: ورقة بن نوفل، ابن عم السيدة خديجة، والذى ورد ذكره فى حديث بدء الوحى للنبى صلّى الله عليه وسلّم (٤٠)، وكذلك: زيد بن عمرو ابن نفيل، ابن عم عمر بن الخطاب (٤٠)، الذى كان يقول:

أرب واحد أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور

تركت اللات والعزى جميعا ... كذلك يفعل الرجل البصير

فلا العزى أدين ولا بنتيها ... ولا صنمى بنى عمرو أزور

ولكن أعبد الرحمن ربى ... ليغفر ذنبى الرب الغفور


(٣٨) الراغب: المفردات، وابن منظور: لسان العرب (مادة: حرث)، القرطبى: مصدر سابق (البقرة: تفسير الآية ٢٢٣).
(٣٩) الراغب: مصدر سابق (كتاب الحاء، مادة: حنف).
(٤٠) الزركلى: الأعلام ٨/ ١١٤، ٣/ ٦٠، د، عبد المقصود نصار، د. محمد الطيب النجار: السيرة النبوية.