للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨)، قال ابن كثير: الصاخّة اسم من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذّره عباده. وقال ابن جرير: لعله اسم للنفخة في الصور. وقال البغوى: الصاخة: يعنى صيحة القيامة، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع، أى تبالغ فى إسماعها، حتى تكاد تصمّها (٦٥).

وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم، مرة واحدة، وذلك في قوله تعالى: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (عبس:

٣٣ - ٣٧).

[٣٨ - الصاعقة]

هى: الهدّة الكبيرة، والصوت الشديد من الجو، ويكون منها نار فقط، أو عذاب، أو موت، ولكنها فى ذاتها شىء واحد. ولذلك قال بعض أهل اللغة: الصاعقة على ثلاثة أوجه (٦٦):

١ - بمعنى النار: كما فى قوله تعالى:

يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ (البقرة: ١٩).

قال أبو زيد: الصاعقة: نار تسقط من السماء في رعد شديد، وكما فى قوله تعالى:

وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ (الرعد: ١٣)، ذكر الماوردى عن ابن عباس وعلى بن أبى طالب ومجاهد: أنها نزلت فى يهودى قال للنبى صلّى الله عليه وسلّم: أخبرنى من أى شىء ربك؟ أمن لؤلؤ؟ فجاءت صاعقة فأحرقته.

٢ - بمعنى العذاب: كما فى قوله تعالى:

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (فصلت: ١٣) أى:

خوفتكم هلاكا مثل هلاك عاد وثمود، وقوله تعالى: فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (فصلت: ١٧) أى: العذاب المهلك.

٣ - بمعى الموت: كما فى قوله تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ أى:

أماتتكم الصاعقة ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة: ٥٥، ٥٦)، وكما فى قوله تعالى: فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ (النساء: ١٥٣).

وكما فى قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (الزمر: ١٦). وكما فى قوله تعالى عن ثمود: فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ أى: ماتوا فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (الذاريات: ٤٤، ٥٤).


(٦٥) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (عبس تفسير الآية ٣٣).
(٦٦) الراغب: المفردات (كتاب الصاد، مادة: صعق) القرطبى: مصدر سابق (البقرة: تفسير الآية ١٩، الرعد تفسير الآية ١٣، فصلت تفسير الآية ١٣).