للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ يقول لهم: وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (الزخرف: ٦٢).

ولخطورة الشيطان على أولياء الله- تعالى- وحزبه؛ أمر المولى- عز وجل-: بالحيطة الشديدة منه، والتنبه الدائم له، واتخاذه عدوا، واليقظة الكاملة لمكر هذا العدو ودهائه، والاستعداد لمواجهة هذا العدو والانتصار عليه. إذ يقول لهم: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (فاطر: ٦)

ولخطورة حزب الشيطان- كذلك- على أولياء الله تعالى وحزبه؛ أمر المولى- عز وجل- بقتالهم، بشتى أسلحة القتال. إذ يقول:

الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (النساء: ٧٦)

ومع ذلك فالشيطان لا ينى، ولا يتخاذل، ولا يهدأ. فعن جابر: أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يبعث الشيطان سراياه، فيفتنون الناس؛ فأعظمهم عنده منزلة، أعظمهم فتنة». (مسلم: ك صفات المؤمنين، باب تحريش الشيطان)

وأعوانه كذلك لا يتخاذلون، ولا يهدءون.

وفوق ذلك: فهو: «يجرى من ابن آدم مجرى الدم». (١٩) فتنة، وغواية، وإضلالا.

ولوعورة هذه الحرب، بين الطائفتين- الشيطان وحزبه من جانب- وأولياء الله من الجانب الآخر: فقد علّمنا- سبحانه وتعالى- الاستعانة به، واللجوء إليه، فى هذه الحرب الدائمة، القديمة، الحديثة، حينما قال:

وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (فصلت: ٣٦).

وحينما قال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (المؤمنون: ٩٧، ٩٨).

وفوق هذا فقد تكفل بالوقوف فى صف أوليائه ونصرتهم فى هذه الحرب الدائمة، القديمة، الحديثة، حينما قال للشيطان: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (الحجر: ٤٢)

ولكل هذا: يجب على أولياء الله- سبحانه وتعالى- وأتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم، اليقظة الكاملة، والاستعداد الدءوب لهذا العدو، الذى حذر منه، وأمر بمعاداته.

وعلى ورثة الأنبياء- وهم أولى الناس بهذه اليقظة وأحق الناس لهذا الاستعداد، وأعلمهم وأقواهم على هذا العداء والانتصار فيه، تبصير الناس بسهام هذا العدو، وتحذيرهم- دائما- منها.


(١٩) أخرجه البخارى: كتاب «بدء الخلق»، باب «صفة إبليس».