للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الشأن: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١).

ثمت بيان آخر فى الآية حول أهل الكتاب وإصرارهم على كفرهم بعد ما جاءهم من صريح العلم بأن الدين عند الله هو الإسلام وهذا الإصرار مصدره الإصرار على مقام السيادة والرئاسة على قومهم وحسدهم بعضهم بعضا.

وتجىء هذه السنة الإلهية فى صيغة إيمانية فيها مزيد من الشمول وكثير من التفصيل فى قول الله تعالى: قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢).

ومن الآيات القرآنية التى تحمل سنن الله فى كمال الإيمان غير المشوب بما يعكر صفوه وينزهه عن الشوائب «آية البر» التى تتجمع فى أعطافها جواهر الإيمان وعناصره الأصيلة التى تجعل ممن يعمل بها مؤمنا بمفرداتها ممارسا لسائرها، قول الله جل ثناؤه: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣).

إن لهذه الآية طبيعة خاصة فى أنها تنبه إلى فعل الخير وأنه ليس مقصورا على إقامة الصلوات، وأداء الفرائض وحسب، وبذلك يظهر المؤمن أنه قد أدى واجبه نحو ربه وأنه أدى ما عليه من دين، ولكن الأمر أوسع من ذلك بكثير، إن الأمر يتمثل فى تلك التوجيهات الربانية والتوجيهات الإيمانية التى قدمها القرآن الكريم واضحة المعالم والقسمات ظاهرة المعانى والتفصيلات فى نص تلك الآية الكريمة من سورة البقرة.

أ. د/ مصطفى الشكعة


(١) سورة آل عمران الآيتان ١٨، ١٩.
(٢) سورة آل عمران الآيتان ٨٤، ٨٥.
(٣) سورة البقرة ١٧٧.