للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٥ - الصلاة بالمترجم]

تكاد كلمة الفقهاء تتفق على منع قراءة ترجمة القرآن بأى لغة كانت فارسية أو غيرها، والنقول عنهم فى ذلك كثيرة، وسواء كانت قراءة هذه الترجمة فى صلاة أم فى غير صلاة، لولا ما نقل عن أبى حنيفة- رحمه الله- من جواز القراءة فى الصلاة بالمترجم.

والواقع أن جمهور الفقهاء من السادة المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبين وغيرهم على أنه: لا تجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب- مطلقا- سواء أمكنته العربية أم عجز عنها، وسواء كان ذلك فى الصلاة أم فى غيرها، فإن أتى بترجمته فى صلاة بدلا عنها لم تصح صلاته سواء أحسن القراءة أم لا.

فالجميع متفقون على أنه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية خارج الصلاة، ومتفقون أيضا على حرمة القراءة فى الصلاة بغير العربية.

لكن إن قرأ فى الصلاة بغير العربية، أتصح صلاته أم تفسد؟

فى هذه الصورة ورد الخلاف عن أبى حنيفة- رحمه الله- إذ ذكر الحنفية فى كتبهم أن الإمام أبا حنيفة كان يقول: إذا قرأ المصلى بغير العربية مع قدرته عليها اكتفى بتلك القراءة.

ثم رجع عن ذلك وقال: متى كان قادرا على العربية ففرضه قراءة النظم العربى، ولو قرأ بغيرها فسدت صلاته؛ لخلوها من القراءة مع قدرته عليها، والإتيان بما هو من جنس كلام الناس حيث لم يكن المقروء قرآنا.

وهذه الرواية تعزى إلى أقطاب من الحنفية منهم: نوح بن أبى مريم، وعلى بن الجعد، وأبو بكر الرازى.

ولا يخفى أن المجتهد إذا رجع عن رأيه وقوله الأول لا يعد ذلك المرجوع عنه قولا له، إذ الرجوع عنه عدول، وعلى ذلك فلا يكون فى مذهب الحنفية قول بكفاية القراءة بغير العربية فى الصلاة للقادر عليها، فهم مع الجمهور.

أما العاجز عن قراءة القرآن بالعربية فهو كالأمى فى أنه لا قراءة عليه، ولكن إذا فرض