للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصر من غير منازع. لما كتب إليه السلطان كتابا يهدده فيه فقال:

"يا للرجال لأمر هال مفظعه ... ما مر قط على سمعي توقعه

يا ذا الذي بقراع السيف هددنا ... لا قام قائم جنبي حين تصرعه

قام الحمام إلى البازي يهدده ... وشمرت لقراع الأسد أضبعه

أضحى يسد فم الأفعى بأصبعه ... يكفيه ماذا يلاقي منه أصبعه

وقفنا بتفصيله وجمله، وأعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن فيل! وبعوضة تعد في التماثيل! وقد قالها قبلك قوم آخرون فدمرناهم، وما كان لهم ناصرون، أوللحق تدحضون؟ أم للباطل تنصرون؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، أما ما صدرت به قولك من قطع رأسي وقلعك لقلاعي في الجبال الرواسي؛ فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض، كم بين قوي وضعيف ودني وشريف! وإن عدنا إلى الظواهر والمحسوسات، وعدلنا عن البواطن والمعقولات، فلنا أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "ما أوذي نبي مثل ما أوذيت به"، وقد علمتم ما جرى في عترته وأهل بيته وشيعته، والحال ما حال، والأمر ما زال، ولله الحمد في الآخرة والأولى، إذ نحن مظلومون للظالمين، ومغبوطون للغابطين، وإذا جاء الحق زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيف قتال رجالنا، وما

<<  <   >  >>