للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتجوا أيضا بكثير من الآيات الدالة على استناد الفعل لفاعله، نحو: {يؤمنون به}، {يكفرون بآيات الله} وبكثير من الآيات الدالة على المدح نحو: {وإبراهيم الذي وفى} وفي الذم نحو: {وكيف تكفرون بالله وأنتم تتلى عليكم آيات الله} والوعد نحو: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} والوعيد نحو: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا} وبالآيات الدالة على أن فعل العبد بمشيئته، نحو: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.

والجواب أن الفعل يستند حقيقة إلى من قام به، لا إلى من أوجده، فإن الأحمر مثلا الجسم، وإن كانت الحمرة بخلقه تعالى، وكذلك الأكل والشرب والنوم واليقظة وغيرها. وأما المدح والذم والوعد والوعيد فلاختيار العبد وكسبه إياه. وأما المشيئة فلأن أفعال العباد بإرادة الله تعالى، لكنها على وفق إرادة العبد، فإنه سبحانه لما كان عالما بما يريده العبد أراده، فإن الكتاب والسنة وآثار الأئمة ناصة على أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وقوله تعالى: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا} لا يفيد الخصم شيئا، فإنه تعالى لم يذم الكفرة على قولهم: إن الكفر بمشيئة الله تعالى، وإنما ذمهم لأنهم قصدوا بمقالتهم تكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذمهم على تفويض الكائنات إلى مشيئة الله تعالى. وقوله تعالى فيما بعد: {فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} يصرم دجى هذا الوهم. وجميع شبههم في هذا الباب أوهى من بيت العنكبوت.

<<  <   >  >>