للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شك أن من كان موقناً بمعنى لا إله إلا الله فإن جوارحه تنبعث لعبادة الرب وحده لا شريك له، ولطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: ((اللهم زدنا إيماناً، ويقيناً وفقهاً)) (١)، وذُكِرَ عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: ((لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطار اشتياقاً إلى الجنة وهرباً من النار)) (٢).

الشرط الثالث: القبول المنافي للرد، وذلك أن يقبل ما دلت عليه هذه الكلمة بقلبه ولسانه ويرضى بذلك؛ ولهذا كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله ولكنهم لم يقبلوها فذمهم الله تعالى وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاّ الله يَسْتَكْبِرُونَ} (٣)، وقال: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ} (٤)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفةً أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبتُ كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فَعَلِم وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل


(١) ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح، وعزاه لأحمد في الإيمان بإسناد صحيح. انظر: فتح الباري،١/ ٤٨.
(٢) ذكره ابن حجر في فتح الباري، ١/ ٤٨.
(٣) سورة الصافات، الآية: ٣٥.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٣٣.

<<  <   >  >>