للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: طريقة أهل السنة والجماعة في النفي والإثبات]

أهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبته الله لنفسه مفصلاً على حد قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، فكل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من جميع الأسماء والصفات أثبتوه لله على الوجه اللائق به تعالى. وأهل السنة والجماعة ينفون ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - نفياً إجمالياً غالباً على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (١).

والنفي يقتضي إثبات ما يضاده من الكمال فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص ومشاركة أحد من خلقه في شيء من خصائصه فإنها تدل على ضدها من أنواع الكمال. وجمع الله النفي والإثبات في آية واحدة - أعني النفي الإجمالي والإثبات المفصل - وهي قوله - سبحانه وتعالى -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، فهذه الآية تضمنت تنزيه الله عن مشابهة خلقه لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. وفي أول هذه الآية رد على المشبهة وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وفي آخرها رد على المعطلة وهو قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وفي أول هذه الآية نفي مجمل، وفي آخرها إثبات مفصّل، وفيها رد على الأشاعرة الذين يقولون ببعض الصفات وينفون البعض الآخر، وفيها رد على المعتزلة الذين يقولون سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر (٢). وقد ساق المؤلف رحمه الله تعالى (٣) الآية السابقة، وسورة الإخلاص، وآية الكرسي لتضمن


(١) سورة الشورى، الآية: ١١.
(٢) الأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية، ص٢٦.
(٣) شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية.

<<  <   >  >>