للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) (١).

وقد رد على هذا التقسيم الإمام الشاطبي رحمه الله بعد أن ذكر التقسيم وصاحبه: ((والجواب أن هذا التقسيم أمر مُخترع لا يدل عليه دليل شرعي، بل هو في نفسه متدافع؛ لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي: لا من نصوص الشرع ولا من قواعده، إذ لو كان هناك ما يدل من الشرع على وجوبٍ، أو ندبٍ، أو إباحةٍ؛ لما كان ثَمَّ بدعة، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها، أو المخيّر فيها، فالجمع بين كون تلك الأشياء بدعاً، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها، أو ندبها، أو إباحتها جمع بين متنافيين، أما المكروه منها والمحرم، فمسلَّمٌ من جهة كونها بدعاً، لا من جهةٍ أخرى (٢).

[المطلب السابع: أنواع البدع عند القبور]

النوع الأول: من يسأل الميت حاجته (٣)، وهؤلاء من جنس عباد الأصنام، وقد قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} (٤)، فكل من دعا نبياً، أو ولياً، أو صالحاً، وجعل فيه نوعاً من الإلهيّة، فقد تناولته هذه الآية؛ فإنها عامة في كل من دعا من


(١) أبو داوود، ٤/ ٢٠١، برقم ٤٦٠٧، والترمذي، ٥/ ٤٤، برقم ٢٦٧٦، وتقدم تخريجه.
(٢) الاعتصام، ١/ ٢٤٦.
(٣) انظر: تعريف البدعة لغة واصطلاحاً، في المطلب الأول من المبحث الثاني من هذا الكتاب.
(٤) سورة الإسراء، الآيتان: ٥٦ - ٥٧.

<<  <   >  >>