للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث: ((سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته) وغالب أعمال هؤلاء إنما هي تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} (١) وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث فإذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصراً على ذنب أصلاً؛ فإنَّ كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فإذاً لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله، ولا كراهية لما أمر الله به، وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإنَّ هذا الإيمان وهذه التوبة، وهذا الإخلاص، وهذه المحبة، وهذا اليقين لا يتركون له ذنباً إلا يُمحى كما يُمحى الليل بالنهار (٢).

فتبين بذلك أن لا إله إلا الله لابد من استكمال جميع شروطها، وأركانها، ومقتضاها، والابتعاد عن نواقضها، ونواقصها من المعاصي؛ ولهذا قال وهب بن منبه لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؛ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلاَّ وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح وإلا لم يفتح (٣).

[المبحث الخامس: لا إله إلا الله تتضمن جميع أنواع التوحيد]

الله - سبحانه وتعالى -: هو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، فإفراده تعالى


(١) سورة الزخرف، الآية: ٢٣.
(٢) تيسير العزيز الحميد، ص٨٧، ٨٨ بتصرف يسير.
(٣) أخرجه البخاري معلقاً في كتاب الجنائز، بابٌ في الجنائز ومن كان آخر كلامه ((لا إله إلا الله))،
٣/ ١٠٩ ((فتح الباري))، انظر: كلمة الإخلاص لابن رجب، ص١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>