للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحكام، فهو الحكيم في أحكامه القدرية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية، والفرق بين أحكام القدر وأحكام الشرع أن القدر متعلّق بما أوجده وكوّنه وقدّره، وأنه ما شاء كان وما لم يشأْ لم يَكُنْ، وأحكام الشرع متعلقة بما شرعه، والعبد المربوب لا يخلو منهما أو من أحدهما، فمن فعل منهم ما يحبّه الله ويرضاه فقد اجتمع فيه الحكمان، ومن فعل ما يضادّ ذلك فقد وجد فيه الحكم القدري؛ فإنّ ما فعله واقع بقضاء الله وقدره ولم يوجد في الحكم الشرعي لكونه ترك ما يحبه الله ويرضاه. فالخير، والشر والطاعات، والمعاصي كلها متعلقة وتابعة للحكم القدري، وما يحبه الله منها هو تابع الحكم الشرعي ومتعلّقه. والله أعلم (١).

٢٤ - الحَليمُ

قال الله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} (٢).

الذي يَدِرُّ على خلقه، النعم الظاهرة والباطنة، مع معاصيهم وكثرة زلاَّتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم. ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم كي ينيبوا (٣).

وهو الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق،


(١) الحق الواضح المبين، ص٤٨ - ٥٤،وانظر: شرح النونية للهراس،٢/ ٨٠،وتفسير السعدي،٥/ ٦٢١، وتوضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، لأحمد بن إبراهيم بن عيسى، ٢/ ٢٢٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٣٥.
(٣) تفسير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ٥/ ٦٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>