للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشعر به لانغماسه في الشهوات؛ فإنّ العزّ كلّ العزّ بطاعة الله، والذلّ بمعصيته: {وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} (١)، {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلله الْعِزَّةُ جَمِيعًا} (٢)، {وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٣). وهو تعالى المانع المعطي فلا معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى، وهذه الأمور كلها تبع لعدله وحكمته وحمده؛ فإنّ له الحكمة في خفض من يخفضه ويذلّه ويحرمه، ولا حجّة لأحد على الله، كما له الفضل المحض على من رفعه وأعطاه وبسط له الخيرات، فعلى العبد أن يعترف بحكمة الله، كما عليه أن يعترف بفضله ويشكره بلسانه وجنانه وأركانه.

وكما أنه هو المنفرد بهذه الأمور وكلها جارية تحت أقداره، فإن الله جعل لرفعه وعطائه وإكرامه أسباباً، ولضد ذلك أسباباً من قام بها ترتبت عليه مسبباتها، وكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسّرون لعمل أهل الشقاوة، وهذا يُوجب للعبد القيام بتوحيد الله، والاعتماد على ربِّه في حصول ما يحبّ، ويجتهد في فعل الأسباب النافعة فإنها محلّ حكمة الله (٤).

٩٢ - المُقَدِّمُ، ٩٣ - المُؤَخِّرُ

كان من آخر ما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - بين التشهد والتسليم: ((اللهم اغفر لي ما قدّمت، وما أخَّرت، وما أسررتُ، وما أعلنتُ، وما أسرفت، وما أنت


(١) سورة الحج، الآية: ١٨.
(٢) سورة فاطر، الآية: ١٠.
(٣) سورة المنافقون، الآية: ٨.
(٤) الحق الواضح المبين، ص٨٩ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>