للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباطنه، وقد قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} (١).

وقيل: معناه: أنها تكون نوراً ظاهراً على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا أيضاً على وجهه البهاء، بخلاف من لم يصلِّ، والله أعلم)) (٢)، قلت: النور يشمل ذلك كله في كل ما ذُكِرَ والله أعلم.

٣ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع نقيضاً (٣) من فوقه، فرفع رأسه فقال: ((هذا باب من السماء فُتح اليوم لم يُفتَح قطّ إلاّ اليوم، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال: أبشر بنورين أو تيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلاّ أُعطيته)) (٤).

وقد بيّن الإمام القرطبي رحمه الله معنى ذلك: وأن قول الملك: ((أبشر بنورين)) أي أبشر بأمرين عظيمين، نيِّرين، تنير لقارئهما، وتنوِّره، وخُصّت الفاتحة بهذا؛ لأنها تضمّنت جملة معانٍ: الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلى الجملة فهي آخذة بأصول القواعد الدينية، والمعاقد المعارفية، وخُصّت خواتيم سورة البقرة بذلك، لِمَا تضمّنته من الثناء على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى أصحابه - رضي الله عنهم -، بجميل انقيادهم لمقتضاها، وتسليمهم لمعناها، وابتهالهم إلى الله، ورجوعهم إليه في جميع أمورهم، ولِمَا حصل


(١) سورة البقرة، الآية: ٤٥.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٣/ ١٠٣.
(٣) نقيضاً: أي صوتاً كصوت الباب إذا فتح. شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٣٩.
(٤) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، ١/ ٥٥٤، برقم ٨٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>