للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيّروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفروا إلا نفراً قليلاً، إما بضعة عشر أو أكثر، ثم يقولون: إن أبا بكر وعمر، ونحوهما ما زالا منافقين، وقد يقولون: بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفرون من خالف قولهم، ويسمّون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفاراً، ويجعلون مدائن الإسلام التي لا تظهر فيها أقوالهم دار ردّة أسوأ حالاً من مدائن المشركين والنصارى؛ ولهذا يوالون اليهود والنصارى والمشركين على بعض جمهور المسلمين ... ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق، كزندقة القرامطة الباطنية وأمثالهم، ولا ريب أنهم أبعد طوائف المبتدعة عن الكتاب والسنة؛ ولهذا كانوا هم المشهورين عند العامة بالمخالفة للسنة، فجمهور العامة لا تعرف ضدّ السني إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم: أنا سني، فإنما معناهُ لست رافضياً (١)، وسيأتي الرّدّ عليهم إن شاء الله في فصل المناقشة (٢).

[المبحث الرابع: المرجئة ورأيهم]

الإرجاء على معنيين: أحدهما بمعنى التأخير كما في قوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاه} (٣) أي أمهله وأخّره.

والثاني إعطاء الرجاء: أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأوّل فصحيح؛ لأنهم كانوا يؤخّرون العمل عن النّيّة والعقد، أي يؤخرون العمل عن مُسمّى الإيمان، وأما المعنى الثاني فظاهر؛ فإنهم كانوا


(١) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٣/ ٣٥٦.
(٢) انظر: المبحث الثالث من الفصل الثاني من الباب الثالث من هذه الرسالة.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>