للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكون، وعاش عيشة ضنكاً في الدنيا، فضلاً عن مصيره المحتوم في الآخرة (١).

وما لنا نذهب بعيداً وهاهو لاسكي نفسه يعيب النظريات السياسية قديمها وحديثها - كما سيأتي قريباً - وينقد الديمقراطية معبودة قومه نقداً لاذعاً، ثم يقف عاجزاً عن الإتيان بنظرية سياسية عادلة لا تحابي فرداً على حساب آخر أو تظلم طبقة لمصلحة أُخرى (٢).

وهذا الموقف العاجز يقفه كل الكتاب السياسيين المعاصرين، والإنسان العصري يرى بأم عينه الأزمة الحادة في السياسة الدولية على الرغم من النظريات السياسية التي لا حصر لها.

أما نظرية العقد الاجتماعي فإن محور الدراسات الحديثة هو فكرتها القائلة بأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم مصلحية نفعية متبادلة، ولا سند للسلطة الحاكمة سوى ذلك، ولكن العيب الذي أخذ عليها هو تصورها الخيالي للعقد، ذلك العقد الذي لا يستطيع أصحاب النظرية إثباته تاريخياً، فهو عقد وهمي لجأ الكتاب السياسيون الأوائل إلى افتراضه، إما هروباً من المواجهة الصريحة للسلطات الحاكمة آنذاك أو تزلفاً لها - على اختلاف بين أصحابها (٣).

أما بعد أن تخلصت الشعوب من عبادة الملوك ورجال الدين،


(١) تراجع مقدمة كتاب مبادئ الإسلام للمودودي وفصل لا إله إلا الله منهج حياة من معالم في الطريق.
(٢) انظر كتاب: مدخل إلى علم السياسة ومقالته في تاريخ العالم، (ج٤).
(٣) انظر مدخل إلى علم السياسة: (٣٠) وتاريخ النظرية السياسية: (٨٤).

<<  <   >  >>