للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - الدعوة إلى الارتماء في أحضان الغرب وأخذ حضارته دون وعي ولا تمييز: وقد تزعم هذا الاتجاه كثير من هجناء الفكر، منهم صاحب كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) الذي يقول:

بل نحن قد خطونا أبعد حداً مما ذكرت فالتزمنا أمام أوروبا أن نذهب مذهبها في الحكم، ونسير سيرتها في الإدارة، ونسلك طريقها في التشريع، التزامنا هذا كله أمام أوروبا، وهل كان إمضاء معاهدة الاستقلال ومعاهدة إلغاء الامتيازات إلا التزاماً صريحاً قاطعاً أمام العالم المتحضر بأننا سنسير سيرة الأوروبيين في الحكم والإدارة والتشريع؟ فلو هممنا الآن أن نعود أدراجنا وأن نحيي النظم العتيقة لما وجدنا إلى ذلك سبيلاً، ولوجدنا أمامنا عقاباً لا تجتاز ولا تذلل عقاباً نقيمها نحن لأننا حرصاء على التقدم والرقي، وعقاباً تقيمها أوروبا لأننا عاهدنا على أن نسايرها ونجاريها في طريق الحضارة الحديثة (١).

ويقول عن التعليم خاصة:

من الناس من يريد التعليم مدنياً خالصاً، وألاَّ يكون الدين جزءاً من أجزاء المنهج المقومة له، على أن يترك للأسر النهوض بالتعليم الديني وألاَّ تقيم الدولة في سبيل هذا التعليم من المصاعب والعقاب ما يجعله عسيراً، ومنهم من يرى أن التعليم الديني واجب كتعليم اللغة وكتعليم التاريخ القومي، لأنه جزء مؤسس للشخصية الوطنية، فلا ينبغي إهماله ولا التقصير في ذاته، وواضح جداً أن هذا الرأي الأخير هو مذهب المصريين وأن من غير المعقول أن يطلب إلى المصريين، الآن أن يقيموا التعليم في بلادهم على أساس مدني خالص وأن يترك الدين للأسر (٢).


(١) عن الاتجاهات الوطنية: (٢/ ٢٣٤)، وللتوسع في الموضوع يراجع نقد مستقبل الثقافة في مصر: سيد قطب.
(٢) الاتجاهات الوطنية: (٢/ ٢٣٥).

<<  <   >  >>