للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.

من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى -عليه السلام- فهو كافر (١).

ولعل مما يقطع دابر كل شبهة أن نستشهد بكلام الأثبات من علماء المسلمين السابقين لعصرنا، الذين نظروا إلى القضية من وجهة فقهية خالصة:

سئل شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن حكم قتال التتار، الذين يقدمون إلى الشام مرة بعد مرة، وقد تكلموا بالشهادتين وانتسبوا إلى الإسلام، ولم يبقوا على الكفر الذي كانوا عليه في أول الأمر، وقبل أن نقرأ الفتوى علينا أن نتذكر أن قانون التتار هو (الياسق) الذي ذكره ابن كثير سابقاً، وسيشير شَيْخ الإِسْلامِ إليه فيها، فأجاب رحمه الله بفتوى طويلة قيمة منها:

"كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين.

وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة، وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة، وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجهاد الكفار قال الله تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُه لِلَّهِ)) [الأنفال:٣٩] فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى


(١) مجموعة التوحيد: (٣٧ - ٣٨).

<<  <   >  >>