للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وفي بعض الجمعيات الإسلامية انشق فريق من أعضائها على قيادتهم، وناصبوها العِدْاء بناءً على رؤى رآها بعضهم، كأنما اعتبروها وحيًا.

وحكى أحد الصحافيين أن أحد حكام المسلمين -بعد أن قرر إجراء الانتخابات في بلده في موعد معين- عاد فألغاها نتيجة رؤيا رآها، حذَّرته من عواقبها. هكذا امتد سلطان المنامات لتتحكم في الدين والسياسة وسائر شئون الحياة) (١).

لقد كان من أسباب افتتان بعض الناس، ومتابعتهم لأولئك الذين احتلوا الحرم المكي، واعتصموا به، تلك الرؤى التي رآها بعض الكبار والصغار، والنساء والرجال، وهي في جملتها تشير إلى أن المدعو محمد عبد اللَّه القحطاني هو المهدي الذي بَشَّرَ به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢)، وقد تبين للناس اليوم أن تلك الرؤى لم تكن صادقة؛ لأن ذلك الرجل ليس هو المهدي، وإلا لو كان هو لم يقتل، ولبقي حتى يملأ الأرض عدلا كما مُلِئَتْ جورًا وظُلْمًا؛ فذلك من علاماته الثابتة في الأحاديث، ولو كان فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعرَّفَنا بالرؤيا الباطلة إذا اشتبهت الأمور، أما ونحن


= فقال: ما لهم؟ قيل: نودي فيهم بعد نومةٍ: أنه من صلى في المسجد الأعظم دخل الجنة، فخرج ابن مسعود يشير بثوبه: (ويلكم اخرجوا لا تُعَذَّبوا إنما هي نفخةٌ من الشيطان، إنه لم يُنَزِّلْ كتابًا بعد نبيكم، ولا ينزل بعد نبيكم)، فخرجوا، وجلسنا إلى عبد الله فقال: (إن الشيطان إذا أراد أن يوقع الكذب انطلق، فتمثل رجلًا فيلقى آخر، فيقول له: أما بلغك الخبر، فيقول الرجلُ: وما ذاك؟ فيقول: كان من الأمر كذا وكذا، فانطلِق فحدِّث أصحابك، قال: فينطلق الآخر، فيقول: لقد لَقِينا رجلًا إني لأتوهمه أعرف وجهه، زعم أنَّه كان من الأمر كذا وكذا، وما هو إلا الشيطان). اهـ. من "البدع والنهي عنها" ص (٣٣، ٣٤)، وانظر: "مقدمة صحيح مسلم" (١/ ١٢)، و"عالم الجن والشياطين" للأشقر ص (٣٩، ٤٠).
(١) "موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى" للدكتور يوسف القرضاوي ص (١١٨).
(٢) انظر: البحث المتعلق بالمهدي القطحاني في كتاب "المهدي" للمؤلف ص (٤٣٣ - ٤٣٥)، طبعة دار ابن الجوزي - القاهرة.

<<  <   >  >>