للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لسنا بمعصومين، فإن الرؤى تبقى في مجال الظن، ولا ترقى إلى اليقين والجزم ما لم تتمثل في واقع مشهود، وعند ذلك يوافق الواقع الخبر.

لقد أوَّل أبو بكر الصِّدِّيق -رضي اللَّه عنه- بين يدي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رؤيا، فبين له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه أصاب في تأويله وأخطأ (١)، فمن يضمنُ لنا ألا نقع في الخطأ، ومن يضمَنُ لنا أن نُصِيبَ كَبِدَ الحقيقة) (٢).

* * *


(١) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: كان أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- يحدث: أن رجلًا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إني رأيت الليلة ظُلَّةً يُنَظَّفُ منها السمن والعسل، ورأيت الناس يستقون بأيديهم، فالمستكثر والمستقل، ورأيت سببًا واصلًا من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول اللَّه أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل بعدك فَعَلا، ثم أخذه رجلٌ بعده فَعَلا، ثم أخذ به رجل فقُطِع به، ثم وُصِلَ له فَعَلا به"، فقال أبو بكر: "أي رسول الله بأبي أنت وأمي، واللَّه لَتدعَنِّي أعبرها"، فقال: "اعْبُرْها"، فقال: "أما الظُلَّة فظلة الإسلام، وأما ما ينظف من السمن والعسل فهذا القرآن لينه وحلاوته، وأما المستكثر والمستقل، فهو المستكثر من القرآن والمستقل منه، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض، فهو الحق الذي أنت عليه فأخذتَ به فيُعْلِيكَ الله، ثم يأخذ به بعدك رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ بعده رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ آخر فينقطع به، ثم يوصل فيعلو به، أي رسول الله لتحدثني أصبتُ أم أخطأت؟ "، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أصبتَ بعضًا، وأخطأتَ بعضًا"، قال: "أقسمت -بأبي أنت وأمي- يا رسول الله لتخبرني ما الذي أخطات؟ "، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقسم"، رواه البخاري (١٢/ ٤٣١ - فتح)، ومسلم (٢٢٦٩)، وأبو داود (٤٦٣٢)، والترمذي "صحيح الترمذي: ٢٤٠٩"، واللفظ له.
(٢) "جولة في رياض العلماء" ص (١٠٧ - ١١٠) بتصرف.

<<  <   >  >>