للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغلوٌّ وابتداع وانحراف (١) عن هديه -صلى اللَّه عليه وسلم- مما يأباه رسول الله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد نهى -صلى الله عليه وسلم- أمته عن إطرائه بالغلو في مدحه -صلى الله عليه وسلم-.

وقد غلا الناس في هذه القصيدة فزعموا أنها تُقرأ لتفريج الكربات، وتيسير العسير، وأن بعض أبياتها أمان من الفقر، وبعضها أمان من الطاعون (٢).

بل اشترطوا لقراءتها الوضوء، واستقبال القبلة، والدقة في تصحيح ألفاظها وإعرابها، والعلم بمعانيها، إلى غير ذلك (٣).

وتنافس أكثر من مائة شاعر في معارضتها، فضلًا عن المشطِّرين (٤) والمخمِّسين والمربِّعين، وتجاوزت شروحها الخمسين شرحًا، فيها ما هو مُحلًّى بماء الذهب، وصار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن (٥).

- إن من عادة الصوفية اختلاقَ القصص "الإرهابية"؛ لترهيب الناس من مخالفتهم أو الإنكار عليهم:

قال النبهاني: "قال المناوي: قال لي فقيه عصره شيخنا الرملي: إن بعض المنكرين رأى أن القيامة قد قامت، ونُصِبَتْ أوانٍ في غاية الكِبَر، وأُغْلِيَ فيها ماء يتطاير منه الشرر، وجيء بجماعةٍ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ، فصُلِقوا فيه حتى تَهَرَّى اللحم والعظم، فقال: ما هؤلاء؟ قال: "الذين ينكرون على ابن عربي وابن الفارض" (٦).


(١) انظر أمثلة ذلك في "نقد البردة" للشيخ عبد البديع صقر، و"حقوق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أمته" للدكتور محمد خليفة التميمي ص (٦٧١ - ٦٨١)، و"قوادح عقدية" ضمن "حقوق النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الإجلال والإخلال" - إصدار المنتدى الإسلامي ص (١٧٧ - ٢٠٠)، و"الانحرافات العقدية والعلمية" للزهراني (١/ ٣٥٩، ٣٦٠).
(٢) "المدائح النبوية" لزكي مبارك ص (١٩٧).
(٣) "مقدمة ديوان البوصيري" ص (٢٩، ٣٠).
(٤) التشطير: هو أخذ الشاعر بيتًا لغيره، فيجعله لصدره عَجُزًا، ولعجزه صدرًا، مراعيًا تناسب اللفظ والمعنى بين الأصل والفرع، وخَمَّس الشِّعر: جعل كل قطعة منه خمسة شطور.
(٥) "قوادح عقدية في بردة البوصيري" ص (١٨٩).
(٦) "جامع كرامات الأولياء" للنبهاني (٢/ ٢١٨) ط. دار صادر - بيروت.

<<  <   >  >>