للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول، فهذا أمر لم ينفِهِ الحديث.

إذن هناك فرق كبير بين أن يقول: "من رآني"، وبين: "من رأى شخصًا يدعي أنه أنا"، أو"من رأى شخصًا، وظن أنه أنا"، فإن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من رآني" يعني رؤيته -صلى الله عليه وسلم- بشكله، وصورته التي كان عليها.

وهناك فرق -أيضًا- بين قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن الشيطان لا يتمثل بي"، وبين: "فإن الشيطان لا يدعي أنه أنا"؛ فالأولى تعني أن الشيطان لا يستطيع أن يتراءى بصورة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشكله الذي كان عليه في حياته؛ بحيث لو رآه أحد الصحابة -رضِيَ اللَّهُ عنهم- لعرفه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

إن الشيطان ممنوع من أن يتمثل بشخص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن ليس ممنوعًا من أن يقول: "أنا رسول اللَّه"، ويكون في صورة غير صورته -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الحافظ ابن حجر -رحمه اللَّه-: (وقوله: "لا يستطيع أن يتمثل بي" يشير إلى أن اللَّه -تعالى- وإن أمكن الشيطان من التصور في أي صورة أراد؛ فإنه لم يُمَكِّنه من التصور في صورة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذهب إلى هذا جماعة فقالوا في الحديث: إن محل ذلك إذا رآه الرائي على صورته التي كان عليها) (١).

وقال العلَّامة ابن مفلح المقدسي -رحمه اللَّه-:

(قال أهل العلم: إنما تصح رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأحد رجلين: أحدِهما: صحابي رآه يعلم صفته؛ فإنه إذا رآه في المنام جزم بأنه رأى مَثَلَه المعصوم من الشيطان.


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣٨٦).

<<  <   >  >>