للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...........................


= وهذا يحثنا على النظر في المعاني التي كانت حروفنا دالّة عليها في خط التمثال. فلما نظرنا فيها وجدنا ما يؤيد هذا الرأي. فإن حرف "ط" صورتها في العبرانية
ومعناها: الحية، وكانت على صورة حية رفعت أعلاها وجعلت أسفلها كالحلقة. ونجد السورة المسماة بـ (طه) تبتدأ بعد التمهيد بقصة موسى عليه السلام وقلب عصاه حيّة. ثم سبرنا هذا القياس طرداً وعكساً، فوجدنا أن السور الآخر التي سماها الله تعالى بأسماء تبتدأ بالطاء أعني "طسم" و"طس" تبتدأ بقصة موسى عليه السلام مع ذكر عصاه وانقلابها حية. وكذلك وجدنا أن غير هذه السور الأربع إمّا لا تذكر قصة موسى، وإما تذكرها -وهي كثيرة- فلا تذكر الحية إلا سورة الأعراف، ولكنها جاءت بقصة موسى عليه السلام تابعة لقصص السابقين من الأنبياء من نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام، فلم تكن حرف الطاء أولى بها (١). فهذه السور كلها قد خصت بموسى عليه السلام. ولستُ أول من جعل هذه السور مخصوصة بموسى عليه السلام، فإن بعض العلماء اطلعوا على طرف منه. فقال السخاوي (٢): إن سورة طه تسمى "سورة الكليم"، وسماها الهذلي (٣) من الكامل "سورة موسى" (٤).
هذا. وأما (الم) فالألف صورة رأس البقرة، وكانت هذه الحرف عندهم دالّة على الإله الواحد (٣). ولم نجد السور التي تبتدأ أسماؤها بالألف إلا ومن أعظم مطالبها الإيمان بالله الواحد. ولكن التوحيد أغلب تعليم القرآن. فهذا ليس مما يستدلّ به، وقصاراه أنه لا يخالف ما اطلعنا عليه. =
..............................
(١) ولكن لا يلزم مراعاة ذلك في كل سورة فلا يضرّ عدم افتتاح سورة الأعراف بالطاء مع ذكر الحية فيها فقد ذكرت قصة يونس عليه السلام في عدة سور ولكن لم تبدأ بالنون إلا سورة واحدة. وكذلك ذكر هود عليه السلام في سور كثيرة ولكن لم تسمّ به إلا سورة واحدة. إذن يصح الاستدلال ما لم توجد سورة مبدوءة بالطاء خالية من ذكر انقلاب العصا حيّةً.
(٢) هو علي بن محمد علم الدين أبو الحسن السخاوي المقرئ المفسر النحوي الشافعي. شيخ مشايخ الإقراء بدمشق. توفي سنة ٦٤٣ هـ. انظر ترجمة في غاية النهاية ١:٥٦٨، والأعلام: ٣٣٢:٤، ومعجم المؤلفين: ٧/ ٢٠٩.
(٣) يوسف بن علي أبو القاسم الهذلي اليشكري صاحب كتاب الكامل في القراءات الخمسين. وصفه ابن الجزري بالأستاذ الكبير الرحال. توفي سنة ٤٦٥ هـ. غاية النهاية ٢: ٣٩٧ والأعلام ٢٤٢:٨، ومعجم المؤلفين ١٢: ٣١٨.
(٤) الإتقان ١: ١٦١.
(٥) ولعل ذلك لدلالة الألف على رقم الواحد.

<<  <   >  >>