كتاب مفردات القرآن للفراهي

وقال جابر بن رَأْلان السِّنْبِسي (١):

قد يعلم القوم أنّا يومَ نجدتِهم ... لا نَتقي بالكميّ الحاردِ الأسَلا

لكنْ ترى رجُلاً في إثرِه رجلٌ ... قد غادرا رجُلاً بالقاع منجدِلا (٢)

(فيه شاهد آخر، وهو: "قد يعلم" أي قد علموا وهم يعلمون) (٣).

= هاجرتي يا ابنة آل سَعْدِ ... أأن حلبتُ لِقحةً للوَرْدِ
جهلتِ مِن عنانه الممتدِّ ... ونظَري في عِطفه الألَدِّ
والردَيان: ضرب من المشي. والحرد: فسّره المرزوقي بالقصد -وهو غير ملائم لسياق الكلام- وأبو نصر بالغضب، مع أن الشاعر قد عطفه على الغضب!.
(١) سِنْبس أبو حي من طيىء. وجابر شاعر جاهلي. انظر النوادر: ٢٦٤ وعنه في الخزانة ٤٤٥:٨ وشرح الأبيات ١: ١١١. وهو أول من قال: من عزّ بزّ، وله قصة مع المنذر بن ماء السماء في الفاخر:٨٩ وانظر المستقصى ٢: ٣٥٧ والميداني ٢: ٣٤١.
(٢) البيتان من حماسية في شرح المرزوقي: ٦٠٩ والتبريزي ٢: ٨١. لا نتقي: أي لا نحجم فنتقي رماح الأعداء بالشجعان ولكن نتهافت ونتتابع حرصاً على القتال (المرزوقي) منجدلاً: صريعاً. وفسّر المرزوقي (الحارد) بأنه "المجتمع الخلق الشديد المهيب الذي يحسب من عزته غضبان".
(٣) إلى هذا المعنى أشار أبو حيّان في تفسير قوله تعالى في سورة الأنعام، {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} فقال في البحر (٤٨٧:٤): "عبّر هنا بالمضارع، إذ المراد: الاتصاف بالعلم واستمراره ولم يلحظ فيه الزمان كقولهم: هو يعطي ويمنع". وردّ على الزمخشري الذي ذهب إلى أن (قد) هنا تفيد التكثير. انظر الكشاف ٢: ١٧. وقد جاء المضارع بعد (قد) في القرآن الكريم في ثمانية مواضع، سبعة منها مضارع (علم) وهي: الأنعام: ٣٣ والحجر: ٩٧ والنحل: ١٠٣ والنور: ٦٣، ٦٤، والأحزاب: ١٨. والصف: ٥. والأظهر أنّ (قد) في هذه المواضع للتحقيق كما قال ابن هشام في المغني: ٢٣٢. وانظر عضيمة ٢: ٣٠٧ - ٣٠٣.
ومثله قول طرَفة بن العبد من قصيدة في مختارات ابن الشجري ١: ٣٨ (الديوان: ٦٧).
فَلَقَد تَعْلَمُ بَكرٌ أنَّنا ... وَاضِحو الأوجُهِ في الْمَحْفِل غُرُّ
وَلَقَد تَعلَمُ بَكرٌ أَنَّنا ... صَادِقو البأسِ لدَى الرَّوع وُقُر
أما الموضع الثامن الذي دخلت (قد) فيه على مضارع (رأى) وهو قوله تعالى في =