للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) فمن هاهنا الشهيد عند الملوك من رؤساء القوم، فهو لسانهم ووكيلهم، وشفيعهم، ولذلك جاء في الأحاديث لفظُ "الشهيد" بياناً للشفيع (١).

(٣) من شهد وعرف أمرا بنفسه، ثم أخبر أصحابه. فهو الواسط بين الأمر المشهود له وبين الذين يخبرهم. وعلى هذا قوله تعالى:

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (٢).


= الأولى. وهي ناظرة إلى قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} [مريم: ٦٩]. وانظر ما قاله المؤلف في المقدمة الأولى ص ٩٥.
(١) عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المدينة خيرٌ لهم ولو كانوا يعلمون. لا يدعها أحد رغبةً عنها إلا أبدلَ اللهُ فيها مَن هو خير منه. ولا يثبت أحد على لأْوائِها وجَهدها إلاَّ كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يومَ القيامة" رواه مسلم -واللفظ له- في كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة؛ ومالك في الموطأ، كتاب الجامع، باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها؛ والترمذي في المناقب، باب فضل المدينة.
قال القاضي عياض: إن هذا الحديث رواه جابر وسعد وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد رضي الله عنهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ (يعني: وشفيعاً أو شهيداً) ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك وتطابقهم فيه على صفة واحدة. بل الأظهر أنه قال - صلى الله عليه وسلم - هكذا". انظر النووي ٩:١٤٥ - (ج). ومما يبين المناسبة بين الشفاعة والشهادة قوله تعالى في سورة الزخوف (٨٦): {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} - (ن).
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٤٣. وقال المؤلف يفسر قوله تعالى في سورة النساء: ٤١ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} في تعليقاته: ٨٤ - ٨٥:
" {بشهيدٍ}: بشفيع. لما بدّلوا معنى الشفيع وصاروا يعبدون الشفعاءَ أبطل الله ذلك المعنى، فاستعمل كلمة "شهيد". فالشهيد هو الذي يُؤذَن بالكلام، وبواسطته يغفر لمن يشاء الله. فليس لأحد أن يبدأ بالكلام. ثم اعلم أن الأصحاب وصلحاء الأمة شهداء كأنبياء بني إسرائيل. قال تعالى: [البقرة: ١٤٣] ".
وبعد إيراد الآية =الكريمة قال: "وهذه مرتبة عظيمة للنبي. وقد روى الرازي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود رضي الله عنه: اقرأ القرآن عليَّ. قال: فقلت: يا رسول الله،

<<  <   >  >>