للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي هَبَّ وهَمَّ.

وإنما سُمّي المرعى "أبّاً" لنشئه أولاً بعد المطر. ومنه: إبَّان النبات. لأول خروجه. ثم توسّع، فقيل: إبّان الشباب، لمناسبة ظاهرة؛ ثم إبّان كل شيء: أوّل وقته. يقال: كُلِ الفواكهَ فِي إبَّانِها (١).

وتوهّم الجوهري وغيره، فجعل الإبّان فِعَّالاً من مادة "أبن" (٢)، ولا مناسبة بينهما، فإن أبَنَه بشيء: اتهمه به، من الأُبنَةِ: وهي العقدة في العود. وإنما هو فِعْلاَن من "أبَّ" (٣) لما يدلّ عليه المناسبة بينهما، ولما تجد هذه المادة بهذا المعنى في العبرانية (٤) -وهي أخت العربية-[. . .] (أب ب) [. . .] (أب): الخضرة والثمرة. [. . .] (أبيب): السنبلة الخضراء، وأول شهورهم -وهو الربيع- لظهور النبات فيه أولاً (٥).

ومما ذكرنا تبيّن أن هذه المادّة مما عرفته العرب، وإنَّما قَلّ استعمالها في أشعارهم لخفّة مرادفاتها (٦). ولكن إذا أريدَ استعمالُ كلمة جامعة وحسن موقعها


(١) انظر اللسان (أبن).
(٢) انظر الصحاح واللسان (أبن) والمعجم الكبير (أبن).
(٣) وإليه ذهب الراغب في مفرداته، والزمخشري في الأساس (أبب).
(٤) والأشورية وآرامية العهد القديم والسريانية. انظر جزينيوس: ١، ١٠٧٨ وإسمث: ٢ وصرّح الأخير بأن أصل المعنى: نشأ. وانظر المعجم الكبير ١: ١٩.
(٥) ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أنهم وهموا في ترجمة "أبيب" فزعموه علمَ شهر في سفر الخروج ١٣:٤ و٢٣: ١٥ وسفر التثنية ١٦: ١، وإنما هو بمعنى شهر الإخضرار. وترجم في السبعينية بما معناه: شهر ظهور المحصول الجديد من القمح. انظر مقاله "أبيب" في مجلة المجمع المصري. الجزء ٢٦ ص ٧ - ١٠.
(٦) ومن شواهد الأبّ في كلام العرب قول أبي دواد الإيادي:
١ - يَرْعَى برَوْضِ الحَزْنِ مِنْ أبِّهِ ... قُرْيانَه فِي عانَةٍ تُصْحَبُ
أنشده شُبَيلَ بن عَزْرة. انظر المقاييس ١: ٦ ومنه في دراسات: ٢٩٦ رقم ١٠، وفي اللسان (صحب): "قال أبو عثمان المازني: أَصْحَبْتُ الرجلَ: أي منعتُه، وأنشد قول الهذلي" والبيت فيه مصحف، القُريان، جمع قَريّ: مدفع الماء من الربو إلى الروضة. =

<<  <   >  >>